«تدرس هيئة سياحة دبي تثقيف السياح السعوديين بالأنظمة المرورية في دولة الإمارات، بعد ضبط أجهزتها الأمنية مركبات سعودية طمس سائقوها لوحات مركباتهم بهدف الهرب من رصد الأجهزة الأمنية لمخالفات السرعة على الطرقات السريعة. ووفقاً لمدير سياحة الأعمال في دبي فإن الهيئة تدرس إشعار السياح السعوديين بالمخالفات المرورية عبر رسائل نصية على هواتفهم المحمولة، تصلهم فور دخولهم الأراضي الإماراتية، ويتم خلالها التنبيه على بعض المخالفات المرورية والنظامية التي تغيب عن السائح السعودي غالباً، التي عادة ما يتكرر وقوعها وفق رصد الأجهزة المرورية في الدولة». هذا هو نص الخبر الذي تداولته مواقع الإنترنت عن ثقافة السعوديين المرورية، فماذا نقول عن هذا التنبيه؟ إن من تعلّم الأصول في داره، فلن يعدمها خارجه. فليس من المنطق أن يكون الإنسان محترماً في بيته وعمله ومحيط أصدقائه، ويسمح لنفسه في الشارع بالتحلّل من جرعة الاحترام. فما علاقة الاحترام بموضوع قواعد المرور؟ لأن ما يصدر عن السائق في أي مكان في الدنيا إنما يدل على أخلاقه الشخصية وعلى نوعية البيت الذي تخرّج منه قبل أن يمسك بمقود السيارة. فهل تعودنا أن نكون محترمين؟ أو ربما يكون السؤال: هل يحز في أنفسنا ألاّ نكون؟ ما معنى أن تكون بسيارتك تنتظر إشارة المرور بلونها الأخضر فيأتي من يسقط على مسارك ويزاحمك ويمنع سيارات مسار اليمين من المرور؟ وكله كي يكون قريباً من الإشارة الخضراء، من دون مراعاة لأبسط قواعد المرور في انتظار دوره كما غيره من المنتظرين. أمّا الأسوأ من هذا التجاوز أن يقف شرطي المرور بسيارته ويشهد بنفسه المخالفة الصريحة ولا يحرك ساكناً. فمتى يُستفز «الرجل الغامض بسلامته»؟ عند السيارة المظللة. فكل من سوّد زجاج سيارته أوقف. حسناً، فمن الدواعي الأمنية ألاّ تكحّلها بالليل الدامس، ولكن ماذا عن الداعس ولا هم له؟ من يتصدى له؟ فلئن كان نظام ساهر يضبط السرعة فمن يضبط غير السرعة؟ من يعلِّم السائق السعودي أن مسار «الطوارئ» لم يترك خالياً لكي يتخطى حضرته الجميع، ولكن لإنقاذ الحالات الحرجة والمركبات الطارئة؟ من يعلِّم السائق السعودي أن التجرّؤ على عكس السير والقفز بالسيارة فوق الأرصفة ليس بالسلوك الذي يفخر به، ولكنه يدل على تخلفه الحضاري - السلوكي - الأخلاقي؟ ثم نلوم العمالة الوافدة إن لم تتقيّد بقواعد مرورنا؟ فهل كنّا أهلاً ونماذج أولاً قبل أن نلوم وننتقد؟! وإلى يومك هناك من يفتح نافذة سيارته ويرمي بمخلفاته وأوراق «المناديل» خارجها، هذا إن لم يبصق معها؟ ولأن هناك بعض الغيورين الصادقين فقد صار أن أوقف أحد المواطنين سائقاً وافداً لتأنيبه وإعطائه درساً في قواعد - أصول الشارع. ولأن النصح يصعب تقبله، فقد راعى أخونا الغيور أن يكون مهذباً ولكن صارماً. وكان من المتوقع طبعاً أن يعتذر السائق عن عدم لياقته أو أقلها يلتزم الصمت ثم يمضي في حال سبيله. أمّا أن ينظر إلى عيني المواطن بكل تحدٍّ وبلغته العربية الركيكة يقول: «إنت ما في نظافة شارع، ليه أنا في نظافة شارع؟»، ويعني ان لم تحرص على نظافة شارعك وأنت المواطن، فلِمَ عليه أن يفعل وهو غير المواطن؟ أعتقد أن مثل تلك الإجابة لا يناسبها إلاّ تعليق الممثل المصري في إحدى مسرحياته المشهورة: «هو ده المنطق!». سأل المذيع أحد المتصلين عن نظام ساهر؟ فأجاب الرجل بصراحة لا تخطئ أنه لا يعرف التقيد بمعدل السرعة المطلوب. ولذلك فقد اهتدى إلى إخفاء أرقام سيارته والجري بها كيفما يشاء وأمام أعين «ساهر». فلجأ المذيع إلى حيلة الإحراج وسأل ضيفه إن كان بفعلته تلك راضياً عن نفسه..!! فجاءت إجابة الضيف المتصالح مع قواعده كالآتي: «يا خوي وليه ما تبيني أسرع؟ عاد من زين المناظر الطبيعية، ما غير شبوك وبعارين وهبوب الصحراء». وكانت تلك خاتمة الإحراج. ألم أقل لكم «هو ده المنطق». تقول السيدة نانسي آستور: «أخطر ما في الحياة هم أولئك الذين ينشدون تغيير كل شيء أو لا شيء». وها نحن نشتكي من كل شيء ونتحمس للتغيير، ثم ننتهي بلا شيء. [email protected]