على رغم محورية ميناء جدة الإسلامي إلا أنه يعاني من بيروقراطية تتسبب في تأخر فسح البضائع، ومن ثم فرض غرامات عليها، كما تتعرض سلع للتلف من طول فترة الانتظار في الميناء، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة بشكل غير مبرر، إذ إن كلفة أي تأخير وغرامات وتلفيات يقوم التاجر بتحميلها على المستهلك. وقال رئيس مركز الشرق الأوسط للدرسات الاستراتيجية والقانونية الدكتور أنور عشقي في هذا الخصوص إن التأخير والتلفيات في البضائع المستوردة من خلال ميناء جدة ستؤثران في الأسعار النهائية للسلع المستوردة، لأن كلفة مضافة يتحملها التاجر سترحل إلى سعر السلعة النهائي، ما سيؤثر في معدلات التضخم. وأوضح عشقي ل «الحياة» أن من أبرز أسباب التضخم هو ارتفاع الكلفة التشغيلية، وهذا ينطبق على ما يحدث حالياً في ميناء جدة الإسلامي، مشدداً على أن الحل الأمثل لتجاوز مثل هذه الارتفاعات في كلفة استيراد السلع هو تنفيذ مشروع تطوير شامل للميناء ورفع نسبة العاملين في الشركات. وأوضح أن هناك مشروعاً تم درسه لتطوير الميناء قبل 10 سنوات ولم يتم البدء فيه حتى الآن، مطالباً بضرورة التعجيل بتطبيقه لتجنب تكدس البضائع في الميناء، مشيراً إلى أن الميناء عندما أنشئ قبل ربع قرن كان عدد سكان جدة يوازي ربع عددهم حالياً، وحينئذٍ لا بد من تطوير الميناء وتوسعته وزيادة عدد موظفيه ليستوعب زيادة حجم الاستيراد، ويكون قادراً على خدمة عدد السكان الذي يشهد نمواً متزايداً. ونبه إلى ضرورة أن تراعي الخطة التوسعية والتطويرية المقبلة للميناء معدل ارتفاع المستوى الاقتصادي والسكاني الحالي والمستقبلي، من خلال وضع خطة مدروسة لتطوير الميناء ل50 سنة مقبلة على الأقل. من جهته، قال رئيس لجنة المخلصين في غرفة جدة إبراهيم عقيل ل «الحياة» أنه أصبح من الصعب جداً على المخلّصين أن يفوا بمواعيد فسح البضائع للتجار، ما أدى إلى زعزعة الثقة بينهما، موضحاً أن قرار تفريغ 100 في المئة من البضائع الموجودة في الحاويات مع النقص الواضح في عدد العاملين لدى شركات التفريغ أدى إلى تأخير فسح البضائع، وهو ما يزيد كلفة السلعة. وحمل عقيل إدارة الميناء المسؤولية الكاملة عن ضعف الرقابة على شركات التفريغ، والنقص الواضح لديهم من الأيدي العاملة، إضافة إلى عدم متابعة التزامهم بالعقود الموقعة مع الميناء. وأشار إلى إدارة أن الميناء وشركات التفريغ يتقاذفون المسؤولية عن البضائع التالفة في ما بينهم، إذ تخلى الميناء مسؤوليته عنها ويحمل الوكيل الخطأ بطريقة التفريغ، بينما يقول الوكيل إن البضاعة كانت تالفة بالأساس وهي بداخل الحاوية، ما يضع المخلص وصاحب البضاعة في حيرة مع العلم أنه لا يجب تفريغ البضائع في حال وجدت تالفة داخل الحاوية. وأشار عقيل إلى أن الميناء عندما خفّض مدة الأعفاء من 13 يوماً إلى 7 أيام فقط، كان يجب أن يتواكب هذا الخفض مع سرعة في الإجراءات، لكن الواقع فعلاً أن مدة الإعفاء تم خفضها، إلا أن الإجراءات لا تزال على حالها. وقال: «نحن نطالب بوضع نظام لتخليص البضائع في مدة أقصاها يوم واحد، لمواكبة الخدمات التنافسية المقدمة من موانئ المنطقة، وأبرزها ميناء جبل علي. يذكر أن المخلّصين يلجأون أحياناً إلى دفع مبالغ إضافية لموظفي الوكلاء، ليضمنوا إشرافهم بحرص على تفريغ البضائع، حتى يتجنبوا حدوث تلفيات في البضائع. ويعاني القسم الجنوبي من الميناء من النصيب الأكبر من تكدس البضائع والتأخير في الفسح، بسبب قلة موظفي الشركات الموكلة بتفريغ الحاويات.