شنّت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر هجوماً لاذعاً على «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم قوى المعارضة الرئيسة، وأعلنت رفضها تغيير حكومة هشام قنديل وإقالة النائب العام، وهما شرطان رئيسان قدمتهما المعارضة لقبول الحوار مع الرئاسة. وبدا أن الجماعة الحاكمة تراهن على عامل الوقت لتخفيف حدة الأزمة وصولاً إلى الانتخابات البرلمانية المرتقبة التي تسعى من خلالها إلى تدعيم نفوذها بالهيمنة على السلطة التشريعية. وكشف قيادي في «الإخوان» ل «الحياة» أن «قوائم مرشحي الجماعة جاهزة وستنطلق حملات جماهيرية للترويج لمرشحينا». وأوضح: «جهزت قواعدنا في المحافظات قائمتين في كل دائرة بعد انتخابات داخلية أُجريت على مستوى الشُعب والمناطق. القوائم معروضة الآن على الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة ومكتب إرشاد الإخوان لحسم الاختيارات، وسننتظر حتى قبل فتح باب الترشح بفترة حتى يتم حسم مسائل التحالفات مع أحزاب إسلامية أو ضم عدد من المستقلين إلى القوائم». واستبعد في شدة التحالف بين «الحرية والعدالة» وحزب «النور» السلفي، لكنه أكد أن «هناك اتصالات تجرى مع عدد من الأحزاب الإسلامية الأخرى، وإن لم يحصل تحالف، سنصيغ وثيقة تضمن التنافس الشريف في ما بيننا وتفريغ بعض الدوائر التي ستترشح فيها قيادات الأحزاب الإسلامية». ودعا المعارضة إلى «اللجوء إلى صناديق الاقتراع لحسم موازين القوى بين الفرقاء السياسيين... الكل يتحدث باسم الشعب من دون أن يمتلك سنداً، والانتخابات البرلمانية ستثبت قدرات مختلف الاطراف على الوصول إلى الشارع، وشعبية كل طرف على الأرض». وأقر بانخفاض شعبية «الإخوان» أخيراً، «لا سيما في المناطق الحضرية». لكنه عزا ذلك إلى «الحملات الإعلامية التي تشن ضد الإخوان». ولفت إلى أن جماعته وحزبها سيبدآن «حملات جماهيرية واسعة للترويج لمرشحي الحزب، وكانت البداية مع حملة معاً نبني مصر التي انطلقت بالتزامن مع الذكرى الثانية للثورة». «النور» يغيب عن ائتلاف الإسلاميين إلى ذلك، عقد أمس ما يسمّى ب «ائتلاف القوى الإسلامية» الذي تقوده جماعة «الإخوان» ويضم عدداً من الأحزاب الاسلامية مؤتمراً صحافياً، غاب عنه حزب «النور» السلفي الذي أظهر أخيراً تقارباً مع المعارضة. وشنّ قادة الجماعة خلال المؤتمر هجوماً لاذعاً على «جبهة الإنقاذ»، وأعلنوا رفضهم إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو تشكيل حكومة جديدة وإطاحة النائب العام الذي عيّنه الرئيس محمد مرسي قبل شهرين وأثار تعيينه أزمة سياسية وقضائية عنيفة. واعتبر عضو الهيئة العليا لحزب «الحرية والعدالة» فريد إسماعيل أن «ما يحدث الآن من فوضى هدفه إجراء انتخابات رئاسية مبكرة». ونفى حصول انشقاقات بين الإسلاميين، مؤكداً في المؤتمر «تماسك التيار الإسلامي». واعتبر أن «المطالبة بإقالة النائب العام أمر خارج عن السياق، لأن النائب العام يتحرك في إطار يخدم مصالح البلاد». وحذّر الناطق باسم «الإخوان» أحمد عارف من «استغلال موجات العنف وتسييسها من أجل الوصول إلى أسوار قصر الاتحادية»، معتبراً أن «الوصول إلى أسوار القصر سيدخل مصر في دوامات وفتن لا طائل من ورائها، والحديث عن انتخابات رئاسية مبكرة يؤدي إلى إغراق البلاد». وعلى النهج نفسه، سار رئيس حزب «البناء والتنمية» نصر عبدالسلام الذي قال إن «جبهة الإنقاذ أخذت زخماً إعلامياً، فشعر قياداتها أنهم كيان ضخم رغم أنهم لا يتعدون بضع مئات وإن اتبعهم بضعة آلاف ممن تم التغرير بهم ليتم استخدام العنف والبلطجة وسط التظاهرات». وتساءل: «لماذا لا نعترف بواقع وجود غالبية وأقلية. يجب على الأقلية أن تعترف بذلك ولا تتغول، وقد خاب مسعاهم لجر الغالبية إلى الصدام». وأضاف: «ليعلم الجميع أن الأقلية يجب أن تسلك الطريق الصحيح للوصول إلى الكرسي، وهذا هو مسعاهم الوحيد، فلما فشلوا في اعتلاء كرسي الحكم عن طريق الصناديق، اغتالوا رأي الشعب واعتقدوا أنهم يستطيعون بصناديق المولوتوف والتظاهرات في بضع محافظات والتضخيم الإعلامي». الجبهة تتمسك بشروطها في المقابل، أكد القيادي في «جبهة الإنقاذ» نقيب المحامين سامح عاشور التمسك بخمسة شروط للقبول بالحوار مع الرئاسة بعد الأحداث التي شهدتها البلاد في الفترة الماضية، هي التحقيق الفوري في أحداث العنف التي وقعت في محيط قصر الاتحادية وتقديم المتورطين فيها إلى محاكمة عاجلة، وإقالة وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وتشكيل لجنة قانونية لمراجعة الدستور، وتقنين وضع جماعة «الإخوان» ووضع حد فاصل بين علاقتها بالرئاسة. وشنّ عاشور خلال مؤتمر للنقابات المهنية عقد أمس هجوماً حاداً على تراجع «الإخوان» عن وعودهم بالإصلاح و «رفض الرئاسة إقامة حوار جاد». وأضاف: «عندما نتحدث عن الحوار يقولون لا تتكلموا عن حكومة إنقاذ وطني أو تعديل الدستور»، متسائلاً في استنكار: «لماذا نذهب إذن وماذا سنفعل؟ الرئيس يريد المعارضة ليلتقط الصور معها ويقول للعالم كله إن المعارضة في جيبي... لكننا لن نمكنه من ذلك». واعتبر أن «هتافات المتظاهرين بإسقاط حكم الإخوان مشروعة، باعتبار أن تدخل الجماعة في الحكم غير مشروع وغير دستوري». حزب «الوطن» وكان حزب «الوطن» الذي يقوده منشقون عن حزب «النور» السلفي قدّم أوراق تأسيسه إلى لجنة شؤون الاحزاب تمهيداً لإشهاره رسمياً، فيما استبعد في شدة القيادي في الحزب يسري حماد إمكان تحالف «الوطن» مع «الإخوان» في الانتخابات البرلمانية المتوقعة نهاية الشهر المقبل. وقال حماد ل «الحياة»: «عقدنا لقاءات مع (المحامي السلفي) حازم صلاح أبو إسماعيل وأحزاب البناء والتنمية (الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية») والأصالة من أجل تدشين تحالف انتخابي». وأضاف: «نسعى إلى التنسيق مع هذه الأحزاب في الانتخابات المقبلة، على أن يستمر التحالف تحت قبة البرلمان لتقديم رؤية موحدة وبرنامج مشترك». وأشار إلى أن «هدفنا جمع الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية لتقديم رؤية موحدة داخل البرلمان». وأوضح وكيل مؤسسي «الوطن» عماد عبدالغفور إنه تقدم بأوراق وتوكيلات الحزب، وأن «الاوراق تضم أكثر من ستة آلاف توكيل من محافظات الجمهورية، وتم حتى الآن افتتاح 30 مقراً للحزب في فترة التأسيس ويجري استكمال بقية المقرات خلال الأيام المقبلة»، مشيراً إلى أن «برنامج الحزب تم إعداده بواسطة عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات، إضافة إلى أعضاء اللجان النوعية في الحزب».