قبل يومين من إغلاق باب الترشح في الانتخابات البرلمانية في مصر، أطلت من جديد الخلافات بين الأحزاب المتحالفة بسبب ترتيب مرشحيها في القوائم، وأيضاً داخل الحزب الواحد لأسباب مختلفة. وعلى رغم مدِّ اللجنة العليا للانتخابات فترة تلقي أوراق المرشحين فيها من الثلثاء الماضي إلى السبت المقبل، إلا أنه لوحظ عزوف الأحزاب والتكتلات الانتخابية عن تقديم قوائمها الانتخابية. وبخصوص «التحالف الديموقراطي من أجل مصر» الذي يضم عشرات الأحزاب على رأسها حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، تجددت الخلافات داخله، إذ هدد حزب «الكرامة» بالانسحاب منه بسبب «استئثار حزب «الحرية والعدالة» بوضع القوائم وترتيبها». وكشف القيادي في حزب «الحرية والعدالة» الدكتور محمد البلتاجي ل «الحياة» أن قوائم التحالف الانتخابية ستضم أحزاب «الحرية والعدالة» و «غد الثورة» و «الكرامة» و «الإصلاح» و «الإصلاح والنهضة». لكن القيادي البارز في حزب «الكرامة» أمين اسكندر لوَّح بانسحاب حزبه من التحالف في حال لم يستجب إلى المطالب التي طرحها الحزب، موضحاً أن هناك خلافات حول ترتيب أسماء بعض مرشحي «الكرامة» في القوائم، إضافة إلى رفضه رفع أية شعارات دينية، في إشارة إلى شعار «الإسلام هو الحل» الذي يتبنَّاه حزب «الحرية والعدالة». وقال اسكندر ل «الحياة»: «نرفض أن نخوض الانتخابات على خلفيات دينية. فنحن انضممنا إلى تحالف وطني»، مشيراً إلى اجتماع للمكتب السياسي لحزب «الكرامة» من المفترض أن يكون عقد مساء أمس لحسم الأمر سواء بالاستمرار في التحالف حال الاستجابة إلى هذه المطالب أو الانسحاب منه. غير أن البلتاجي ردَّ بأن عدداً كبيراً من رموز «الكرامة» في صدارة القوائم الانتخابية منهم سعد عبود وأمين اسكندر، مشيراً إلى أن من المقرر أن تقدم قوائم التحالف للجان الانتخابات اليوم، لكن إذا انسحب «الكرامة» فسيعاد ترتيب الأمر سريعاً. وأوضح البلتاجي أن ما يتردد عن سيطرة حزب «الحرية والعدالة» على قوائم التحالف «يشوبه سوء فهم»، مشيراً إلى التحالف «لا ينافس على أكثر من 50 في المئة ضمن قوائم التحالف (...) إذا تم حساب الأمر على أساس تنافسي، فلا ننافس على أكثر من 50 في المئة، أما لو حسبناه على أساس عددي فسيتخطى مرشحو «الحرية والعدالة» هذه النسبة كثيراً». وأضاف البلتاجي: «الأحزاب الأخرى لم تطرح مرشحين لمجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) وأيضاً المقاعد الفردية (التي خصص لها ثلث مقاعد البرلمان) ومقاعد العمال والفلاحين في القوائم (التي اشترط أن يتخطى مرشحوها نسبة 50 في المئة) وكذلك المرأة، ولهذا السبب نسبة «الحرية والعدالة» متجاوزة، ولكن كان يجب أن تكتمل القوائم، غير أن في حقيقة الأمر نسبة كبيرة من مرشحينا تم ضمهم في ذيل القوائم لاستكمالها، وبالتالي فرصهم في الفوز تكاد تكون منعدمة، ولا يجوز أن يحسبوا إذا ما كنا نضع نصب أعيننا فرصهم التنافسية، إذ إن النصف الثاني في القوائم لا يجوز أن يدخل في إطار التنافس». في غضون ذلك، قرر حزب «مصر الحديثة» الانسحاب من التحالف الديموقراطي والترشح في الانتخابات على قوائم منفردة بسبب الاختلاف مع حزب «الحرية والعدالة» على قوائم التحالف. وعلى ما يبدو فإن الخلافات حول ترتيب أسماء المرشحين لم تقف عند «التحالف الديموقراطي» فقط، إذ وصلت إلى «الكتلة المصرية» وهو تحالف يضم 18 حزباً ليبرالياً ويسارياً، شكل في الأساس لمجابهة الإسلاميين. وكشف القيادي في «الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي» عماد جاد عن خلافات داخل الكتلة تعوق التصديق على قوائمها، مشيراً إلى أن الأمر سيتم حسمه «خلال ساعات». ولا يرى جاد أي تأثير لتلك الخلافات على استعدادات الأحزاب لمعركة الانتخابات، فهو عزاها إلى «غياب الخبرة في العمل على أرضية ديموقراطية، وغياب التراث الديموقراطي في المجتمع المصري. لذا، سنجد خلافات حول ترتيب الأسماء تصل إلى حد الانشقاقات في أحيان مع الاعتماد على المساومات». أما حزب «الوفد»، فتفجرت أوضاعه بعد امتناع رئيس الحزب السيد البدوي عن الدعوة إلى عقد اجتماع لهيئته العليا من أجل إقرار القوائم الانتخابية للحزب، ما دعا عضو الهيئة العليا عصام شيحة إلى جمع توقيعات 20 من أعضاء الهيئة العليا للحزب لعقد اجتماع الهيئة اليوم، مشيراً إلى أن جدول أعمال الاجتماع يتضمن عرض القوائم الانتخابية على الهيئة العليا وإصدار بيان حول موقف الحزب من تضمينها بعض فلول الحزب الوطني المنحل. وزاد أنه بات في حكم المؤكد أن قوائم “الوفد” تضم فلول الوطني، إذ استقال رئيس اللجنة العامة ل «الوفد» في محافظة أسيوط (جنوب مصر) وكل أعضاء لجنة الشرقية (في دلتا مصر) قرروا تجميد عضويتهم. وأوضح أن في حال إصرار رئيس الحزب على عدم عرض القوائم الانتخابية على الاجتماع فسيكون هناك رد فعل. ولم تنتهِ مفاوضات السلفيين مع «الجماعة الإسلامية» من أجل إقرار قوائم مشتركة، وإن كانت تسير في شكل جيد وفق القيادي في حزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية ل «الجماعة الإسلامية»، طارق الزمر الذي صرَّح ل «الحياة» بأنه يتوقع الوصول إلى اتفاق نهائي اليوم أو غداً على أقصى تقدير لتقدم القوائم الانتخابية يوم السبت على الأرجح. وتابع أن التفاوض يسير في الاتجاه الصحيح، وحزب «النور» أبدى مرونة معقولة في استيعاب كوادر ومرشحي الجماعة على قوائمه. وأوضح أن الجماعة ستحصل على 12 في المئة من هذه القوائم «لكن ما زالت هناك مفاوضات بخصوص ترتيب مرشحينا»، معرباً عن اعتقاده أن هناك رغبة من الجانبين لإنجاح التفاوض حتى لا تكون هناك قائمة رابعة للإسلاميين، والاكتفاء بثلاث قوائم، هي: «الإخوان»، وحزب «الوسط»، وأخيراً تحالف السلفيين مع «الجماعة الإسلامية» الذي ينافس على 80 في المئة من المقاعد المخصصة للقوائم (ثلثي مقاعد البرلمان المكون من 496 مقعداً) وأقل قليلاً بالنسبة للمقاعد الفردية (المخصص لها ثلث مقاعد البرلمان). وبحثت الحكومة المصرية في اجتماع أمس الاستعداد لإجراء الانتخابات ودعم وزارة الداخلية، وبحث احتياجاتها لتأمين الانتخابات.