أفاق سكان قطاع غزة أمس على مأساة راح ضحيتها أب وأم وأطفالهما الأربعة في حريق شب في منزلهما في حي الشجاعية (شرق) نتيجة شمعة مشتعلة بديلاً من التيار الكهربائي المقطوع. وشعر «الغزيون» بصدمة شديدة بعد شيوع أنباء عن وفاة الشاب حازم محمود ضهير (31 عاماً) وزوجته سمر (28 عاماً) وأطفالهما قمر(5 أشهر)، وفرح (3 أعوام) ونبيل (5 أعوام) ومحمود (8 أعوام). وكانت جثث أفراد العائلة الستة تفحمت بعدما التهمتها النيران ومعها المنزل المؤلف من غرفة نوم واحدة، بما فيه من أثات قليل ومطبخ صغير. واتهم مازن ضهير، شقيق حازم، الحكومة التي تقودها حركة «حماس» في غزة بأنها «تقف وراء الحصار» المفروض على غزة منذ حوالى ستة أعوام. كما اتهم في حديث مع إحدى الإذاعات المحلية، مديرية الدفاع المدني التابعة لحكومة «حماس» بالتقاعس عن الوصول بسرعة، قائلاً إن سيارات الإطفاء وصلت إلى المنزل بعد ساعة من اشتعال الحريق وتفحم الجثث. لكن المديرية التي يقع مقرها (غرب) قالت في رسالة قصيرة إن سيارات الإطفاء وصلت إلى المنزل بعد أربع دقائق من تلقيها اتصالاً يفيد بوقوع الحريق. وعززت الحادثة الغضب المتزايد في الشارع «الغزي» من انقطاع التيار الكهربائي الدائم لثماني ساعات يومياً، والنقمة على «حماس» وحكومتها وسياساتها، الأمر الذي ظهر جلياً في مشاركة مئات آلاف من المواطنين في مهرجان انطلاقة حركة «فتح» في الرابع من الشهر الماضي. وحفلت صفحات شبكات التواصل الاجتماعي بانتقادات لاذعة للحكومة والحركة وصلت في بعض الأحيان إلى القدح والذم والسب والشتم وتحميلهما المسؤولية الكاملة عن «جريمة قتل» العائلة وانقطاع التيار الكهربائي. وقالت وزارة الداخلية في حكومة «حماس» إن «الأجهزة المختصة تجري التحقيقات لمعرفة السبب الحقيقي» للحريق. وناشدت المواطنين «اتباع إجراءات السلامة في التعامل مع وسائل الإنارة والتدفئة خلال فصل الشتاء». ووقعت المأساة في وقت كان التيار مقطوعاً عن الحي، علماً أن القطاع يمر بمنخفض جوي بارد ويتواصل تساقط الأمطار الغزيرة منذ ثلاثة أيام. وضهير موظف غير مثبت في السلطة منذ عام 2005، ويتقاضى راتباً شهرياً مقداره 1500 شيقل فقط (الدولار يعادل ثلاثة شواقل وسبعين أغورة)، وهو مبلغ لا يسد الرمق ولا يحقق الحد الأدنى من مستويات المعيشة الكريمة، خصوصاً أن أسعار السلع والخدمات مرتفعة جداً. وتحسم وزارة المال في السلطة مبلغاً مقداره 170 شيقلاً شهرياً من حوالى 70 ألف موظف يعملون في السلطة في قطاع غزة، من بينهم ضهير، لمصلحة شركة الكهرباء نظير استهلاك التيار. وأثناء تشييع جثامين الستة، هاجم عشرات المواطنين الغاضبين المقر الرئيس لشركة الكهرباء وحطموا بعض أثاثها وأجهزة حاسوب وزجاج سيارة أحد مديري الشركة الكبار. وطالب مواطنون رئيس حكومة «حماس» إسماعيل هنية بإصدار أوامر صارمة بمنع قطع التيار الكهربائي عن الفقراء والمعدمين غير القادرين على دفع فواتير الاستهلاك. وحمّل عدد من المواطنين الحكومة المسؤولية عن هذه «المجزرة»، فيما حمل آخرون حكومة السلطة برئاسة سلام فياض المسؤولية. كما حمل عدد آخر إسرائيل المسؤولية الكاملة عن حصار القطاع بكل تبعاته، بما فيها قطع التيار الكهربائي. وأصدر عدد من الفصائل والمؤسسات الحقوقية بيانات صحافية نددوا فيها بالمأساة ونعوا الضحايا. واعتبر الناطق باسم حركة «فتح» فايز أبو عيطة أن «هذه الكارثة بمثابة جريمة حقيقية من الجرائم البشعة للحصار الإسرائيلي لشعبنا في قطاع غزة». وشدد على «ضرورة إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام، لما لذلك من أهمية لمواجهة الحصار والاحتلال»، مناشداً الجهات المسؤولة «الوقوف إلى جانب ذوي الضحايا وتقديم كل الدعم والمساعدة للتخفيف من مصابهم الجلل». وقالت حركة «الجهاد الإسلامي» إن «هذا الحادث الأليم ينكأ جرح الحصار المفتوح الذي تسبب بمعاناة مستدامة لشعبنا وأهلنا، ويحتم على المسؤولين في دوائر الاختصاص المختلفة، القيام بمسؤولياتهم وواجبهم لضمان عدم تكرار مثل هذه المآسي المفجعة». وطالب عضو اللجنة المركزية الفرعية ل «الجبهة الشعبية» الدكتور ذو الفقار سويرجو المسؤولين ب «عدم تعليق كل مآسينا على شماعة الحصار». وقال إن المواطن يدفع الثمن «بثلاثة أشكال: مرة بدفع الفاتورة لشركة الكهرباء، ومرة بدفع ثمن ديزل المولدات التي يستخدمها المواطنون، وثالثة بدفع أرواحنا ثمناً لهذا الملف الذي لم يتم حله حتى الآن»، محذراً «من مغبة الغضب الشعبي الذي قد يسببه استمرار هذه الحوادث». ورأى حزب «الشعب» أن هذه «الفاجعة المؤلمة» تأتي «استمراراً لمسلسل الفواجع الناجمة عن الإهمال وتقصير المسؤولين عن حياة الناس وأمنهم»، داعياً الجهات المعنية إلى «فتح تحقيق في هذه الحوادث، خصوصاً تأخر وصول سيارات الدفاع المدني إلى موقع الحدث». وطالبت «مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان» بالتحقيق في الحادث للوقوف على أسبابه وخلفيته وفي أسباب فصل التيار الكهربائي عن الأسرة، و «ادعاء عائلة الضحايا بإبلاغ شركة الكهرباء عن وجود عطل لديهم وعدم التعامل مع البلاغ بجدية». كما طالبت بالتحقيق في «الادعاء بأن الدفاع المدني استجاب لبلاغ أهالي المنطقة بعد ساعتين من نشوب الحريق».