تبادلت السطة الفلسطينية في رام الله والحكومة المقالة في غزة أمس الاتهامات حول مسؤولية أزمة الكهرباء في غزة وتوقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع الامر الذي فاقم أزمة الكهرباء وتسبب بزيادة انقطاع التيار الى فترات تصل الى حدود 16 ساعة يومياً. واتهم الناطق باسم حكومة رام الله برئاسة سلم فياض الدكتور غسان الخطيب حركة «حماس» بأنها «تفتعل» أزمة الكهرباء في القطاع «لأغراض سياسية». وقال الخطيب إن «أزمة وقود محطة توليد الكهرباء الحالية مفتعلة لأغراض سياسية تتعلق باستغلال معاناة الناس لكسب التعاطف والتحريض ضد السلطة الوطنية الفلسطينية» في رام الله. وأضاف الخطيب أن السلطة الفلسطينية «تغطي شهرياً ما معدله 95 الى 97 في المئة من مجمل تكلفة الطاقة المستهلكة في غزة» سواء تلك التي يتم الحصول عليها من اسرائيل او مصر او التي يتم توليدها داخل القطاع الذي يعيش فيه حوالي مليون ونصف مليون فلسطيني. وتغذي اسرائيل القطاع بحوالى 120 ميغاوات، فيما كانت تولد محطة التوليد الوحيدة في غزة 60 ميغاوات قبل أسابيع قليل، وأصبحت قبل أيام 30 ميغاوات فقط قبل أن تتوقف تماماً عند منتصف ليل الجمعة السبت بسبب نفاد الوقود (الديزل) الصناعي. وتغذي مصر مدينة رفح الحدودية بحوالي 17 ميغاوات، ليصبح المجموع 197 ميغاوات من اصل 300 ميغاوات هي حاجة القطاع الى الطاقة. وبسبب توقف المحطة بات سكان القطاع ليل الجمعة السبت في ظلام دامس، في وقت ما يزال عشرات آلاف طلاب الثانوية العامة يتقدمون الى امتحانات التوجيهي، وفي ظل صيف حار جداً. وحمّل نائب رئيس سلطة الطاقة التابعة للحكومة المقالة في غزة كنعان عبيد مسؤولية توقف المحطة عن العمل الى «وزارة المال في رام الله (التابعة للسلطة الفلسطينية ويرأسها فياض الى جانب رئاسته الحكومة) التي تمتنع عن دفع ثمن الوقود لشركة النفط». واعتبر عبيد أن «أفعالهم لا تنم إلا عن الرغبة في عقاب أهل غزة ومحاصرتهم. فشركة توزيع الكهرباء ترسل ثمن الوقود لوزارة المال باستمرار». من جهتها، قالت «شركة توزيع الكهرباء في محافظات غزة» المملوكة للسلطة الفلسطينية في رام الله إن «تفاقم أزمة الطاقة الكهربائية القائمة في محافظات غزة (جاءت) نتيجة العجز الكهربائي الممتد والمتراكم على كميات الكهرباء المتوافرة، (الذي جاء) نتيجة توقف محطة توليد الكهرباء عن العمل بالكامل بسبب نفاد الوقود اللازم للتشغيل». وسعت شركة التوزيع الى ايضاح موقفها في بيان أمس «في ظل هذه الأوضاع الصعبة»، من دون أن تحمل أي من طرفي الصراع السلطة الفلسطينية وحركة «حماس» المسؤولية عن الأزمة. وقالت الشركة إنها «توزع ما يصل إلى شبكاتها من طاقة كهربائية من مختلف مصادر التوريد». وأضافت أن «توقف محطة التوليد عن العمل بالكامل زاد من نسبة العجز الموجود إلى 60 في المئة، حيث أن المطلوب الكهربائي الحقيقي لمحافظات غزة (الأحمال الفعلية) وصل إلى 300 ميغاوات، في حين أن المتوافر بعد توقف المحطة هو 137 ميغاوات فقط، وأن توزيع هذه الكمية المتبقية على مجمل ساحات واحتياجات قطاع غزة، سيتم ضمن برنامج طارئ يعكس حسابياً الكمية المتوافرة، التي ستوزع على الجميع بدءاً من (أمس) السبت بواقع إيصال التيار لكل منطقة لمدة 6 ساعات، يليها فصل التيار لمدة 12 ساعة، وهكذا تكراراً، حتى تطرأ أية تغيرات على كمية الطاقة المتاحة». وأشارت الشركة الى أنها «تدرك مدى المخاطر والآثار التي ستطاول قطاعات الاستهلاك كافة في القطاع نتيجة هذا العجز الكبير، بخاصة قطاع المياه والخدمات الصحية والمرافق الطبية وكل الخدمات الأساسية والإنسانية». وناشدت الشركة الجهات الوطنية والسياسية بمختلف مواقعها «تحمل مسؤولياتها لمعالجة هذا المستوى العميق للازمة بأقصى سرعة ممكنة، وذلك من خلال توفير كميات الوقود اللازمة لتشغيل مولدين في محطة توليد الكهرباء، ما سيخفف المعاناة الكبيرة والخطيرة عن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، ويجنبهم كارثة محدقة بمرافقهم وخدماتهم ومصالحهم عامة». كما ناشدت الشركة الأشقاء العرب عبر جامعة الدول العربية «اتخاذ موقف ايجابي فاعل للمساعدة في الخروج من الوضع الراهن والصعب، وذلك بتمويل الوقود المشغل لمحطة التوليد أو المساهمة في ذلك، والمجتمع الدولي بتشكيلاته السياسية ومنظماته وهيئاته الإنسانية والدولية والأممية تحمل مسؤولياته تجاه الأزمة الراهنة». ودعت الشركة جميع المواطنين الى «التعامل بمسؤولية عالية والإيفاء بالتزاماتهم وواجباتهم تجاه الشركة». وحتى تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي كان الاتحاد الأوروبي يمول مباشرة ثمن كميات الوقود التي تسمح اسرائيل بادخالها وهي 8.8 مليون لتر شهرياً بقيمة 13 مليون دولار (حوالي 50 مليون شيكل)، لكن حكومة رام الله طلبت من الاتحاد تحويل المبلغ المذكور الى خزانة وزارة المال. ومنذ ذلك الحين أخذت وزارة المال في رام الله تمول كميات من الوقود بقيمة 30 مليون شيكل فقط، وتطلب من شركة التوزيع جباية 20 مليون شيكل الاخرى من المستهلكين بأي طريقة كانت. وتقول شركة التوزيع إن معدلات الجباية ارتفعت الى حوالى 40 في المئة فقط. وتبلغ معدلات البطالة والفقر في القطاع نحو 70 في المئة، ولا يزيد معدل دخل هؤلاء عن دولارين يومياً (الدولار 3.8 شيكل).