عند صدور كل عدد جديد من مجلة "كوزموبوليتان"، تجلس تسيلميغ إيردينخو مع صديقتها للتعرف إلى أخر أخبار هوليوود وأحدث صيحات الموضة. وأصبحت هذه المواضيع المشوقة مباحة في منغوليا بفضل اجتياح وسائل الاعلام الأميركية لهذا البلد الذي كان منعزلا في الماضي والذي بدأ يحترم حرية الصحافة منذ عقدين من الزمن. وسكان منغوليا شغوفون بالقراءة، وتبلغ نسبة المواطنين الذين يجيدون القراءة والكتابة 97 % بفضل النظام التعليمي الذي كان سائدا في عهد السوفيات والذي أدى الى بناء مدارس داخلية من أجل أطفال البدو. ولا يزال حتى اليوم مواطنون من البدو يقرأون صحفا قديمة مر عليها أسبوعان تحت خيمهم التقليدية المنصوبة على السهوب. وبفضل قطاع المناجم، تشهد البلاد التي تضم 2,75 مليون نسمة نموا اقتصاديا سريعا بلغت نسبته 12,3% السنة الماضية ويسمح "للأثرياء الجدد" بالنفاذ إلى منتجات استهلاكية غربية. أطلقت النسخة المنغولية من مجلة "كوزموبوليتان" في كانون الاول/ديسمبر 2010، تبعتها كل من "ناشونال جيوغرافيك" التي تباع بسعر مرتفع قدره 14,40 دولارا و"بلايبوي". وتشرح خاليون تسيفين-أوشير وهي المدير العام لدار نشر "إيرمون" التي تصدر "ناشونال جيوغرافيك" و"كوزموبوليتان" أن المجلة الأولى تهدف إلى توعية قادة البلاد بشأن القضايا البيئية. وتؤكد قائلة "من خلال +ناشونال جيوغرافيك+، ندفع قادة بلادنا إلى تفادي أخطاء الماضي". أما النسخة المحلية من مجلة "بلايبوي" فقد وجدت لنفسها مكانا على رفوف المتاجر الكبيرة، وبيعت 3 آلاف نسخة من العدد الأول منها الذي صدر في تشرين الاول/اكتوبر الماضي. وتعزي المبيعات المرتفعة إلى نشر المجلة صورا جريئة للممثلة الاميركية كيم كارداشيان وعارضة الازياء المنغولية سارناي سارانشيميغ. إلى ذلك، اشترى محبو القراءة المجلة لأنها تضمنت مقابلات مع رئيس بلدية أولان باتور والممثل جاك نيكولسون ونبذة عن حياة رئيس "آبل" الراحل ستيف جوبز. ويقول رئيس تحرير المجلة "قبل إطلاق "بلايبوي"، كان غالبية الناس يعتقدون أنها تقتصر على الصور الاباحية. لكننا نغير هذه الصورة من خلال مقالات فكرية تعزز ثقافة الرجال في منغوليا". وتتنافس المجلات الجديدة في السوق مع عشرات المنشورات المحلية ومنها عدد كبير من الصحف الشعبية التي تعتمد على الفضائح الجنسية والصور العارية والقصص المثيرة للاهتمام. ويساهم دخول وسائل الاعلام الأميركية السوق المحلية في تعزيز الاحترافية الاعلامية، على حد قول خولان جاغدر وهو أستاذ في الصحافة في كلية الآداب والعلوم الانسانية في العاصمة. يذكر أن محتويات "كوزموبوليتان" و"بلايبوي" نصفها أميركي ونصفها الآخر محلي، أما محتويات "ناشونال جيوغرافيك" فمترجمة في غالبيتها. وتبث محطة تلفزيونية تابعة لوكالة "بلومبرغ" برامج محلية لمدة أربع ساعات يوميا، فيما تتم ترجمة البقية في هونغ كونغ. وتعتبر وزيرة الثقافة والرياضة والسياحة إويونغيريل تسيديفدامبا التي تبلغ من العمر 46 عاما مثالا عن سكان المدن الجدد الذين تستهدفهم وسائل الاعلام الاميركية تلك. فقد تخرجت في جامعة "ستانفورد" الأميركية وهي واحدة من النساء التسع اللواتي تم انتخابهن لدخول مجلس النواب المنغولي وترتدي بزات مؤلفة من سترة وسروال. وتقول إن "كوزموبوليتان" "تساعد شاباتنا بلا شك على اكتساب الثقة بالنفس" لأن "النساء بحاجة الى تشاطر مفاتيح النجاح والجمال والقوة".