مرر مجلس الشورى المصري أمس قانون تنظيم الانتخابات النيابية، رغم تحفظات نواب التيار السلفي وأحزاب ليبرالية ويسارية عن بعض مواده، تمهيداً لعرضه على المحكمة الدستورية العليا للبت في مدى دستوريته، فيما أبدت «جبهة الإنقاذ الوطني» المعارِضة تماسكاً في وجه الخلافات بين أعضائها، بعدما أعلن رئيس حزب «الوفد» السيد البدوي استمرار حزبه في الجبهة «حتى لو ترك وحده»، معتبراً أن الجبهة «هي الأمل الوحيد الباقي لإنقاذ البلاد». يأتي ذلك في وقت سعت السلطات إلى احتواء الغضب الشعبي قبل تظاهرات تنوي المعارضة تنظيمها الجمعة المقبل في الذكرى الثانية للثورة، إذ أعلنت الحكومة تنظيم سلسة من المعارض في المحافظات لبيع المنتجات الغذائية بأسعار مخفضة، في ما بدا مغازلة للطبقات الفقيرة، كما ستجري احتفالات وعروض بالموسيقى العسكرية. وعلمت «الحياة» أن الرئيس محمد مرسي سيعلن عقب عودته من القمة الاقتصادية التي ستنطلق غداً في السعودية حركة تغييرات في المحافظين وانه سيوجه كلمة إلى المصريين مساء الخميس لمناسبة احتفالات المولد النبوي عشية ذكرى الثورة، وسيسعى خلالها إلى تخفيف الغضب تجاه سياساته. وكان مجلس الشورى أقر أمس مشروع قانون تنظيم الانتخابات. وأظهرت المناقشات خلافات شديدة بين حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان المسلمين»، وحليفه حزب «النور» السلفي. ورفض الحزب الحاكم اقتراحات أعضاء «النور» و «الوفد» لإسقاط عضوية النائب إذا غيَّر انتماءه الحزبي. ورفض الاقتراحات 121 نائباً في حين وافق عليها 84 نائباً وامتنع نائب عن التصويت. وكان حزبا «النور» و «الوفد» وعدد من النواب المستقلين طالبوا بإعادة المداولة على المادة، إذ اعتبروا تغيير الانتماء «تزويراً لإرادة الناخبين». وأيدهم في ذلك ممثل الحكومة مساعد وزير العدل عمر الشريف الذي شدد على أن «إرادة الناخب هي الأولى وتغيير الانتماء الحزبي قد يؤدي إلى الالتفاف على إرادة الناخب». وأضاف خلال كلمته أمام النواب أن «النائب انتخب على قائمة حزب ويجب الإبقاء عليها». واعتبر رئيس الهيئة البرلمانية لحزب «النور» عبدالله بدران، أن المرشح «بينه وبين الناخب شبه عقد التزام وتغيير الصفة فيه قدر من تضييع الأمانة وقدر من الضرر قد يقع على الحزب عندما يفقد بعض أعضائه»، كما اعتبر رئيس حزب «الجيل» ناجي الشهابي، أن «تغيير صفة النائب معناه تفريغ الحياة السياسية والأحزاب من كوادرها». لكن نواب «الإخوان» رفضوا الاقتراح رغم التوافق عليه في «الحوار الوطني» الذي ترعاه الرئاسة. ولوحظ أخيراً تنامي التباعد بين «الإخوان» وحلفائهم السلفيين، في ما بدا استعداداً للاستحقاق النيابي الذي ينطلق في آذار (مارس) المقبل. وكان الداعية السلفي الشهير محمد حسان وجه تحذيراً شديد اللهجة في خطبة الجمعة إلى الرئيس مرسي ووزراء حكومته، قال فيه: «إياك أن تتكبر أو تتجبر، فمن تمسك برأيه هلك». وقال خلال خطبته في مسجد النور في منطقة برج العرب في الإسكندرية: «أيها العاقل، إذا تنكرت لك الجماهير فافزع إلى رأي العلماء ومشورتهم، وإياك أن تتكبر أو تتجبر، فإنك إن تسأل العقلاء خير لك من أن تستبد برأيك فتندم بعد ذلك». وعقب تصريحات حسان، انتشر فيديو لنائب رئيس جماعة «الدعوة السلفية»، وهي الجماعة الأم لحزب «النور»، ياسر برهامي أكد فيه أن التحالف مع «الإخوان» أمر «شبه مستحيل»، متسائلاً: «كيف نتحالف مع من لا يفي أو يصدق في كلمته، ومع من سمح بتمرير تمييز المرأة في قانون الانتخابات، ورفض مناقشة اقتراحات حزب النور في شأن القانون؟». وأكد أن «حزب النور يفضل وينحاز إلى التحالف مع الأحزاب التي تتفق معه في المرجعية الإسلامية السلفية». وسارعت جماعة «الإخوان» إلى الرد على تصريحات أقطاب التيار السلفي بإظهار عدم حاجتها إلى التحالف، فتعهد رئيس «الحرية والعدالة» عصام العريان أن يحقق حزبه الغالبية النيابية «سواء خاض الانتخابات متحالفاً مع آخرين أو منفرداً». في غضون ذلك، سعت «جبهة الإنقاذ الوطني» إلى إظهار تماسكها. وأكد رئيس حزب «الوفد» أن حزبه مستمر في الجبهة التي تعد جهة المعارضة الرئيسة، رغم انتقادات بعض أطرافها لحزبه. وقال البدوي في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، إنه تلقى خطابات واتصالات من عدد من قيادات الجبهة أكدوا فيه احترامهم وتقديرهم، وأن «الوفد» جزء أصيل من الجبهة. وأكد أن «حزب الوفد سيخوض الانتخابات متحالفاً مع الجبهة، واقترح أن تدخل الجبهة الانتخابات بقائمة موحدة حتى لا يحتار الناخب». ونفى في شدة إمكان أن تتحالف الجبهة مع السلفيين «لأن أهدافها ومكوناتها أصبحت جاهزة، وليس هناك طريق لانضمام طرف جديد». من جهة أخرى، كلف النائب العام طلعت عبدالله، المحامي العام الأول لنيابات جنوبالجيزة أحمد البحراوي بالتحقيق في بلاغ قدمه المحامي الإسلامي ممدوح إسماعيل يتهم فيه رئيس تحرير جريدة «التحرير» المستقلة إبراهيم عيسى ب «ازدراء الدين الإسلامي والاستهزاء بآيات القرآن». على صعيد آخر، وقعت أمس اشتباكات عنيفة بين الشرطة ومتظاهرين أمام محكمة جنايات الإسكندرية التي كانت تنظر في قضية اتهام ضباط شرطة بقتل متظاهرين. وألقت قوات الشرطة وابلاً من قنابل الغاز لتفريق المحتجين الذين ردوا بإلقاء الحجارة.