لم تقنع التنازلات التي قدمتها الحكومة العراقية المتظاهرين فرفعوا سقف مطالبهم أمس، في جمعة أطلقوا عليها إسم «لا تُخادع»، في اشارة الى عدم ثقتهم بوعود رئيس الوزراء نوري المالكي، وطالبوا برحيله. ويتصدر نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني الواجهة، منذ أيام، بتوليه مسؤولية المفاوضات مع المتظاهرين، وزيارة السجون، وتعديل اجراءات الاجتثاث، فيما يغيب رئيس الوزراء عن الصورة، وتختفي نشاطاته وبياناته، وتغلق المواقع الالكترونية التابعة للحكومة لتتصدرها منذ أيام عبارة «أُغلقت للصيانة». وتصاعدت وتيرة التظاهرات في المدن السنّية أمس، منذ انطلاقها في الفلوجة نهاية العام المنصرم، وانضمت الحويجة في كركوك، والعامرية والغزالية في بغداد، الى الأنبار والموصل وسامراء وتكريت، والأعظمية التي رفع المتظاهرون فيها شعارات تطالب بإقالة الحكومة وتعديل الدستور، إضافة الى الشعارات الاساسية المطالبة بإطلاق المعتقلين وإلغاء قانوني الارهاب والمساءلة والعدالة. ورفع المتظاهرون لافتات بينها «لن تخدعنا بوعودك يا مالكي»، وأخرى حملت صورة نائب رئيس الوزراء السابق سلام الزوبعي، موفد رئيس الوزراء الى الانبار، وكتبوا عليها «هذا لا يمثلنا»، وتضمنت لافتات أخرى مناشدة الأممالمتحدة التدخل. وتبدو مهمة الشهرستاني في تهدئة التظاهرات معقدة الى حد كبير، فإطلاق مئات المعتقلين بقرار حكومي بعد «اكتشاف» براءتهم، ساهم في زيادة الاحتقان والتساؤلات، حتى داخل الاوساط الشيعية عن أسباب إعتقال آلاف الابرياء. وقال شيخ عشائر الدليم في الأنبار علي الحاتم في اتصال مع «الحياة» ان «تظاهرات اليوم (امس) ضربة قاصمة للحكومة ولرئيسها المعروف بالمماطلة والتسويف». وقال نائب رئيس محكمة التمييز الجنائية في العراق أحد القضاة الذين حكموا على الرئيس الراحل صدام حسين بالإعدام منير حداد ل»الحياة» امس ان مستوى الجرائم التي حدثت في السجون تعد «جرائم ضد الانسانية يعاقب عليها القانون الدولي». حداد الذي اعتبر «ظلم السنّة اليوم يفوق ما تعرض له الشيعة في زمن صدام»، أكد ان «هناك قضاة يسيئون الى سمعة القضاء العراقي بتسترهم على جرائم بعض القادة الأمنيين». وأضاف ان «السجناء يتعرضون لأبشع انواع التعذيب والتنكيل». وزاد ان»هؤلاء الضباط يبتزون المعتقلين ويجبرونهم على الاعتراف بجرائم لم يرتكبوها من خلال تهديدهم باغتصاب اعراضهم وجلب نسائهم واغتصابهن امامهم في السجن». وأكد ان «بعض ضباط الشرطة يحتفظون بمتهمين او مخبرين يستخدمونهم ضد بعض الناس او من يختلفون معه». وحذر حداد رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي مدحت المحمود من «السكوت على هذه الجرائم»، معتبراً ان «المجتمع الدولي والمحاكم الدولية ستتدخل اذا لم تر دوراً للقضاء العراقي» في وقف الإنتهاكات.