واصلت جماعة «الإخوان المسلمين» الأردنية تصعيدها ضد مؤسسات الحكم المختلفة عشية الانتخابات النيابية المقررة في 23 الشهر الجاري، حيث أكد قادة الجماعة توجههم إلى «تغيير قواعد اللعبة» عبر المطالبة بمزيد من التعديلات الدستورية التي من شأنها المس بصلاحيات القصر الملكي، في حين كشف رئيس الحكومة عبدالله النسور للمرة الأولى خلال لقاء جمعه بعدد محدود من الكتاب والصحافيين أن الملك «سيتخلى عن بعض الصلاحيات الممنوحة إليه من دون المساس بها دستورياً». وخلال مؤتمر صحافي دعت إليه قيادة الجماعة الأردنية في عمان أمس أفاد المراقب السابق للإخوان سالم الفلاحات بأن «الجماعة ستقاطع مجلس الأعيان المقبل (الذي يعينه الملك ويعتبر البوابة الثانية للبرلمان)». وقال «سنطلب من أفرادنا عدم المشاركة في الأعيان إن طلب من أحدهم ذلك». وفي تصريحات أكدت توجه الجماعة إلى التصعيد غير المسبوق مع الدولة الأردنية، اعتبر الفلاحات أن «الحركات الشعبية المطالبة بالإصلاح وخصوصاً الحركات الشبابية، باتت تخجل من رفع شعار (الشعب يريد إصلاح النظام)»، في إشارة بدت واضحة إلى أن هنالك من يطالب باعتماد شعارات مشابهة لتلك التي رفعت في دول الربيع العربي وقادت إلى سقوط أنظمة حاكمة. وأكد الفلاحات أن التظاهرات التي دعت إليها الجماعة في 18 الشهر الجاري، بالقرب من ميدان جمال عبد الناصر (الداخلية) في قلب العاصمة الأردنية «ستكون تظاهرات طويلة من حيث الوقت المحدد لها»، محملاً السلطات مسؤولية «أي قطرة دم قد تسيل أثناء هذه التظاهرات». ووصف أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية للإخوان) حمزة منصور، الانتخابات المقبلة بأنها «شكلية ومحكومة بقانون متخلف وغير دستوري». وتساءل خلال قراءته بياناً شديد اللهجة أثناء المؤتمر «لماذا المشاركة وإمكان التغيير الحقيقي غير موجود؟». وأشار إلى أن «في الأردن انتخابات شكلية محكومة بقانون رجعي يحدد ملامحه ودوره أصحاب القرار والنفوذ ورأس المال». وقال «إذا كان الخيار بين مهزلة الانتخابات أو الحراك الشعبي، فإن الاستمرار بالفعل الجماهيري السلمي أنفع للوطن»، مضيفاً أن الجماعة «ستراقب اليوم الانتخابي، وستكشف عمليات التزوير بالاعتماد على وسائل تمتلكها». وفي رده على انتقادات سابقة وجهها رئيس الحكومة إلى قادة الجماعة، بسبب مطالبها بتعديل الدستور، أجاب منصور «لا نستطيع أن نفهم كيف أن الشعب مصدر السلطات وفقاً لنصوص الدستور وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يختار حكومته». وزاد «يبدو أن بعض الأشخاص ينقلبون على أنفسهم» في إشارة مباشرة إلى النسور. أما نائب المراقب العام للإخوان زكي بني أرشيد، فاعتبر أن «مشكلة الأردن مع الذين يمتلكون القرار وكبسة الزر»، لافتاً إلى أن الجماعة «ستعمل على تغيير قواعد اللعبة، عبر المطالبة بمزيد من التعديلات الدستورية». وفي رده على سؤال ل «الحياة» حول إمكان أن تعترف الجماعة بنتائج الانتخابات المقبلة، رأى بني أرشيد أن الإخوان «ليسوا معنيين بتلك النتائج، وسيتعاملون مع البرلمان الجديد مثل أي مؤسسة حكومية فرضت قهراً على الأردنيين». وأردف أن «اليوم التالي للانتخابات سيشهد ردود أفعال غير متوقعة بالنسبة للدولة»، من دون التطرق إلى التفاصيل. في المقابل، كشف النسور خلال لقاء جمعه بعدد من الكتاب الأردنيين بمقر رئاسة الوزراء أمس، أن الحكومة ستقدم استقالتها إلى العاهل الأردني في 24 الشهر الجاري، أي في اليوم التالي لإجراء الانتخابات، قائلاً «سأتقدم أنا وحكومتي باستقالة أدبية إلى جلالة الملك». وفي لقاء آخر جمعه بعدد من الكتاب والصحافيين وأحيطت بعض تفاصيله بهامش من السرية، كشف النسور إن «الملك سيتخلى قريباً عن بعض صلاحياته على أرض الواقع، كتعيين رئيس الوزراء، مع الحفاظ عليها في نصوص الدستور». واعتبر «المقاطعين فئة قليلة يطالبون بتعديلات دستورية تمس صلاحيات الملك، وهو أمر غير منطقي لكون الحكمة تؤكد ضرورة الإبقاء على هذه الصلاحيات». وبموازاة ذلك، عبر النسور عن خشيته من الوصول إلى حال «انقسام داخلي» لدى المجتمع الأردني، لكنه اعتبر أن الأنظمة العربية التي آلت إلى السقوط خلال الفترة الأخيرة «تختلف تماماً عن النظام الأردني الذي يتمتع بإجماع شعبي عريض». ورأى المسؤول الأردني الرفيع أن خيار التوجه إلى إحداث «ثورة» في البلاد، سيؤدي إلى «الإطاحة بكل شيء والقفز إلى المجهول».