ردت جماعة «الاخوان المسلمين» على تصريحات العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني التي خيّرها فيها بين الذهاب الى الانتخابات البرلمانية نهاية العام أو البقاء في الشارع، معلنة أمس تمسكها بخيار الشارع، ومؤكدة فشل كل الحوارات السابقة مع الجانب الرسمي بعد إصرارها على مطالب تتعلق بتعديل الدستور وقانون الانتخاب. كما أعلنت الجماعة تشكيل «المجلس الاعلى للاصلاح» الذي وصفه معارضون لها بأنه خطوة تصعيدية تهدف إلى الإعلان عن «مجلس حرب». وقالت الجماعة، وذراعها السياسي ممثلا بحزب «جبهة العمل الإسلامي» خلال مؤتمر صحافي في مقر الحزب في عمان، أمس: «نجدد مطالبتنا بإجراء تعديلات دستورية على المواد 34 و35 و36، سعياً الى بناء دولة مدنية ديموقراطية وقوية»، وهي المواد التي تطاول صلاحيات الملك بحل البرلمان وتشكيل الحكومات وإقالتها. وكان لافتاً في المؤتمر حضور قيادات «إخوانية» ممثلة لكل التيارات داخل التنظيم. وأعلن المجتمعون، للمرة الاولى وبشكل رسمي مؤسستهم الوليدة التي تحمل اسم «المجلس الأعلى للإصلاح»، ويتصدرها القيادي المحسوب على التيار المتشدد داخل الجماعة سالم الفلاحات. وقال الأمين العام ل «جبهة العمل الإسلامي» حمزة منصور إن المجلس الجديد «يسعى إلى أن يكون الشعب مصدر السلطات بانتخابه مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، وتشكيل حكومة الغالبية البرلمانية ذات الولاية الدستورية العامة والمسؤولية الكاملة عن كل الأجهزة التنفيذية في الدولة، خصوصا جهاز المخابرات العامة». وهاجم عمليات التسجيل للانتخابات التي زاد عدد المسجلين فيها عن مليون ومئة ألف حتى يوم أمس، وقال: «في هذه الأثناء، تقوم السلطات بشحن عملية التسجيل الجماعي وتوظيف أدواتها من إعلام وإفتاء وأوقاف وترغيب وترهيب من أجل إنتاج مزيف من الإقبال على التسجيل بقوائم الانتخابات». وفي معرض رده على تصريحات العاهل الأردني، أكد منصور: «إذا خيّرنا بين إعادة تجربة الانتخابات الفاشلة بحجة المساهمة بالإصلاح وبين الاستمرار بالتواصل مع الجماهير، فإننا بلا تردد سنختار الفعل الشعبي المستمر». من جانبه، لم يتردد الفلاحات، في تأكيد ما ذهب إليه منصور، وقال خلال تظاهرة للإسلاميين وسط عمان أول من أمس: «الشارع مقدس لأنه أرض أردنية، ولا خيار بين الشارع والبرلمان، لأننا نريد برلماناً يأتي بإرادة شعبية حقيقية عبر قانون عادل». غير ان أحد أبرز المعارضين للجماعة النائب المخضرم في البرلمان الأردني ممدوح العبادي العبادي وصف المؤسسة الجديدة بأنها «مجلس حرب»، قائلا ل «الحياة»: «إن مثل هذه الخطوة تعني السعي إلى التصعيد والاستئثار بصوت المعارضة». وفي السياق ذاته، قال مقربون من مطبخ القرار الإخواني ل «الحياة»: «إن قرار إنشاء المجلس الجديد جاء بعد أن شعرت الجماعة بعزلها عن المشهد السياسي المقبل، وبعد أن امتنعت السلطات عن تنفيذ مطالبها المتعلقة بتعديل قانون الانتخاب وبعض المواد الدستورية». وكشفت مصادر إسلامية مساعي داخلية لتوحيد الأطر التنظيمية، وتجميد الخلافات الداخلية، واستعمال ورقة المجلس الأعلى للإصلاح الذي لوّح قبل اعلانه رسميا، بتنفيذ تظاهرة مركزية ضخمة قوامها 50 ألفاً من المشاركين، حسب أحد أبرز قادة المجلس زكي بني ارشيد. وكان الملك عبد الله اعتبر أن «الإخوان» يسيئون تقدير حساباتهم بشكل كبير عبر إعلانهم مقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة المقررة قبل نهاية العام. وقال: «ليسمعني الجميع بوضوح، سيكون لدينا برلمان آخر بحلول العام الجديد». إلى ذلك، رفض رئيس الحكومة الأردنية فايز الطراونة أمس وصف حكومته بأنها تتسبب في «خلق أزمات»، وقال في كلمة له أمام مجلس الأعيان: «لا توجد حكومة في الدنيا ترغب في أن تضع نفسها داخل كرسي ساخن». وأضاف: «حلفنا اليمين أمام الله والملك، ولن نرحل الأزمات، لكننا نجتهد لوضع الحلول لها».