حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني أمس مما أسماه «خطر حلول السلطوية (الديكتاتورية) الدينية مكان السلطوية العلمانية في دول الربيع العربي»، في إشارة بدت واضحة إلى حكم جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وتونس وفي المغرب إلى حد ما. وقال: «عندما تتراجع حقوق النساء، وتخشى الأقليات والمسيحيون وغيرهم على مستقبلهم، وعندما تقوّض التعددية، فهذه ليست ديموقراطية». وفي بيان مطول أصدره الديوان الملكي الأردني مساء أمس، أوضح العاهل الاردني في مقابلة مع مجلة «لونوفيل اوبزرفاتور» الفرنسية نشرتها امس: «ما يقلقني ليس فوز الإخوان في الانتخابات، ما أخشاه هو احتمال تقويض التعددية ومبدأ تداول السلطة عندما تفوز جماعة ما في الانتخابات، ثم تستخدم سلطتها لتغيير قوانين اللعبة لصالحها وتبقى في السلطة حتى بعدما تفقد شعبيتها وشرعيتها». وفي الشأن الداخلي الأردني، اعتبر الملك أن «الأردن لم يشهد الأحداث الدرامية التي مرت بها الدول الأخرى، بل شهد عملية إصلاح سياسي غير مسبوقة وتعديلات واسعة النطاق شملت ثلث الدستور... والتعامل مع التظاهرات كان مختلفاً عن الدول الأخرى. وكانت أولى تعليماتي إلى قوات الأمن منذ التظاهرة الأولى هي عدم حمل الأسلحة»، لافتاً إلى أن قرار الحكومة السابق رفع أسعار المحروقات «كان ضرورياً رغم كونه مؤلماً». وتزامنت تصريحات الملك وانتقاداته غير المباشرة لحكم «الإخوان» مع تأكيد مصادر أردنية رفيعة المستوى تشير إلى قلق المملكة من استمرار صعود جماعات «الإخوان» في العالم العربي. ولفتت المصادر إلى أن الأردن «يشعر بالاستهداف من جهة هذه الجماعات»، وأن جماعة «الإخوان» الأردنية «جزء من التنظيم الدولي». وتحدثت مصادر سياسية يسارية وقومية إلى «الحياة» عن تفاصيل لقاء جمعها أخيراً بالعاهل الأردني للبحث في تطورات الوضع الداخلي ومستجدات المنطقة، ونقلت عن الملك قوله إن «المملكة تشعر بالاستهداف المباشر من جماعات الإخوان»، خصوصاً بعدما أصر «الإخوان» الأردنيون على مقاطعة الانتخابات، وتمسكوا بخيار البقاء في الشارع. وعلمت «الحياة» أن وفداً من قادة «الإخوان» الأردنيين غادر إلى القاهرة قبل أيام والتقى المرشد العام للجماعة محمد بديع. وعُلم أن من بين أعضاء الوفد الشيخ سالم الفلاحات وعبدالله فرج الله. وكان لافتاً أن الجماعة لم تذكر أي تفاصيل عن أسباب الزيارة. ووفق مصدر حكومي تحدثت إليه «الحياة»، لا يخفي مطبخ القرار في عمان «تشككه بنيات الجماعة، وسعيها الى السيطرة على الحكم في الأردن عبر تفصيل قانون انتخاب يناسبها». وكانت المقابلة التي أجرتها «الحياة» مع رئيس الحكومة الأردنية عبدالله النسور أثارت حفيظة عدد من قادة «الإخوان» بعد حديثه عن سعيهم إلى تقويض صلاحيات العاهل الأردني. وفي رد رسمي هو الأول للجماعة على المقابلة، قال نائب المراقب العام ل «الإخوان» زكي بني أرشيد إن «التصريحات التي أطلقها النسور لا تعدو كونها تحريضية». وتابع «لسنا في حاجة إلى شهادة حسن سلوك من رئيس الحكومة، والتحريض ضد الإخوان لن يجدي نفعاً».