طالب نواب من المعارضة التونسية وزير العدل نور الدين البحيري بالاستقالة من منصبه على خلفية اتهامات له بالفشل في أداء مهمته وفي ضمان استقلالية القضاء وفي تطوير منظومة السجون التي تخضع لسلطته. وذلك أثناء جلسة مساءلة الوزير في المجلس التأسيسي امتدت طيلة يومي الإثنين والثلثاء. ويواجه وزير العدل القيادي في حركة النهضة نور الدين البحيري انتقادات شديدة خصوصاً في ما يتعلق بقضية المعتقلين السلفيين الذي ماتوا في إضراب عن الطعام داخل السجن، إضافة إلى اتهامه بالتدخل في قرارات القضاء بصفته رئيساً للنيابة العمومية وبخاصة في قضية الإعلامي سامي الفهري. وصرّح رئيس الكتلة الديموقراطية المعارضة محمد الحامدي إلى «الحياة» بأن طلب استقالة وزير العدل يندرج في سياق المشاورات والتجاذبات السياسية المتعلقة بالتحوير (التعديل) الوزاري المرتقب. واعتبر في الآن نفسه أن أداء وزير العدل أقل ما يمكن القول عنه إنه «فاشل»، مشيراً إلى أنه يرأس النيابة العمومية التي تدخلت من أجل عدم تطبيق قرار محكمة التعقيب (التمييز) القاضي بالإفراج عن صاحب قناة «التونسية» سامي الفهري، وفق قوله. كما حمل الحامدي مسؤولية وفاة المعتقلين السلفيين إلى وزير العدل والمدير العام للسجون والإصلاح، ملاحظاً أن الأخطاء التي قام بها وزير العدل تستوجب بالضرورة تقويماً سلبياً لأدائه. ومن بين الإجراءات التي اتخذها وزير العدل ولاقت معارضة شديدة من قبل القضاة والسياسيين والحقوقيين هي إحياؤه للمجلس الأعلى للقضاء الذي كان النظام السابق يستعمله لتدجين القضاء، وهو ما اعتبره النواب أكبر «مهزلة» في تاريخ تونس. وكانت كتلة حركة النهضة (التي ينتمي إليها وزير العدل) ذات الغالبية البرلمانية قد رفضت في السابق المصادقة على مشروع قانون الهيئة المستقلة الوقتية للقضاء التي كان من المنتظر أن تشرف على تسيير شؤون القضاء، وهو ما دفع وزير العدل إلى إحياء المجلس القديم. لكن نور الدين البحيري دافع عن نفسه معتبراً أن إصلاح سلك القضاء يجب أن يكون تشاركياً بين وزارة العدل وممثلي القضاة والمجلس التأسيسي، وشدد على أن أكثر المؤسسات التي تضررت في السابق المنظومة العدلية والمنظومة السجنية. واعترف البحيري، لدى إجابته على أسئلة النواب، بأن القضاء ليس مستقلاً في تونس باعتبار أن التشريعات الموروثة عن النظام السابق لا تضمن الاستقلالية، مشدداً على أنه لا يمكن الحديث عن استقلالية القضاء إلا بعد المصادقة على الدستور الجديد. وفي تصريح خاص إلى «الحياة» أكد وزير العدل أنه لا يمكنه أن يتخلى عن رئاسته للنيابة العمومية لأن تخليه سيخلّف الفراغ في هذا المنصب، معتبراً أن وجوده على رأس النيابة العمومية لا يؤثر في عملها. وفي سياق متصل، اتهم النائب محمود البارودي عن حزب التحالف الديموقراطي زوجة وزير العدل بالتدخل لدى القضاء من أجل الضغط على موكليها وهم من «رجال الأعمال الفاسدين»، وفق قوله. وأكد في تصريح إلى «الحياة» أن زوجة وزير العدل ترافع في قضايا الفساد واستغلال النفوذ وهو ما جعل القضاة يخشونها ويخشون أن تطاولهم الإعفاءات التي يتحكم فيها وزير العدل. لكن وزير العدل نفى هذه المزاعم، مشدداً على أن زوجته محامية كبقية المحامين ولا دخل لها في عمل القضاة. على صعيد آخر (أ ف ب)، قضت محكمة تونس الابتدائية بالإفراج موقتاً عن التونسي علي الحرزي (26 سنة) المشتبه بمشاركته في هجوم استهدف في 11 أيلول (سبتمبر) 2012 القنصلية الأميركية في بنغازي (شرق ليبيا) وأسفر عن مقتل أربعة اميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز. وقال المحامي عبدالباسط بن مبارك عضو هيئة الدفاع عن الحزري لوكالة «فرانس برس» إن المحكمة استجابت طلب الدفاع الإفراج موقتاً عن المشتبه فيه. وفي 21 كانون الأول (ديسمبر) الماضي استنطق أربعة محققين من مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) علي الحرزي في محكمة تونس الابتدائية. ونفى الحرزي خلال الاستنطاق أي علاقة له بمهاجمة القنصلية الأميركية في بنغازي، بحسب محاميه. وقال طاهر والد علي الحرزي لوسائل إعلام إن ابنه «توجه إلى بنغازي الليبية طلباً للعمل في مجال دهن الأبنية وفضّل بعد ذلك التوجه إلى إسطنبول التركية لجلب بعض الملابس بغرض التجارة مثلما يفعل الكثير من التجار». وفي منتصف تشرين الأول (أكتوبر) 2012 اعتقلت تركيا علي الحرزي في أراضيها وسلمته إلى تونس التي وجهت إليه تهمة «الانضمام إلى تنظيم إرهابي في الخارج» وفق قانون مكافحة الإرهاب التونسي الصادر سنة 2003. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أعلن وزير العدل التونسي نور الدين البحيري أن ال «أف بي آي» قدمت إلى تونس طلب إنابة قضائية تتضمن «الحجج والبراهين» لتوجيه التهمة إلى علي الحرزي للاشتباه بمشاركته في مهاجمة القنصلية في بنغازي. وقال المحامي عبدالباسط بن مبارك ل «فرانس برس»: «ربما تم الزج بعلي الحرزي في هذه القضية لأن السلطات العراقية اعتقلت أخاه طارق الحرزي (سنة 2006) وقضت بسجنه 15 عاماً بتهمة الإرهاب». وقضت محكمة تونسية سنة 2006 بسجن علي الحرزي بتهمة «الرغبة في الالتحاق بالجهاد في العراق» بموجب قانون مكافحة الإرهاب لسنة 2003. وبعد الإطاحة في 11 كانون الثاني (يناير) 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أفرج عنه ضمن «عفو تشريعي عام» أقرته السلطات الانتقالية. على صعيد آخر، كشف مصطفى عبدالجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي السابق، الاثنين في تونس للمرة الأولى، أن حكومة رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قايد السبسي ساهمت خلال الثورة الليبية في إيصال أسلحة إلى ثوار غرب ليبيا تمهيداً لإطاحة نظام العقيد الراحل معمر القذافي. وقال عبدالجليل في «شهادة تقدير» قدمها للسبسي خلال لقاء جمعهما بالعاصمة تونس «ساهمتم بشكل مباشر وفعال في مساعدة ثوار المنطقة الغربية (الليبية) بتوفير ممرات آمنة لتوصيل السلاح والذخيرة حتى امكن للثوار تجميع قواهم والزحف نحو العاصمة (طرابلس) لتخليصها من قوات معمر (القذافي) المسيطرة عليها والمحاصرة لها، فهذا شرف يقدره الليبيون الشرفاء لشعبكم الكريم ولتونس الخضراء».