كشف تقرير لمكتب الأممالمتحدة في العراق أن عدد العراقيين العائدين من سورية بسبب توسع العمليات العسكرية في هذا البلد بين 18 تموز (يوليو) 2012 ولغاية نهاية العام بلغ 63 ألفاً و255 فرداً، عاد منهم إلى سورية مجدداً 33 ألفاً و782 فرداً. ونقل مكتب الأممالمتحدة عن العراقيين ممن رفضوا البقاء في بلدهم وفضلوا العودة إلى سورية، أن «الأسباب تعود إلى عدم قدرتهم على العيش في بلدهم مرة ثانية بسبب غلاء المعيشة وصعوبة النقل وعدم وجود مأوى مناسب لعائلاتهم». وقال مصدر في بعثة الأممالمتحدة ل «الحياة» إن «مجموع العراقيين العائدين إلى العراق من سورية خلال الأسبوع الماضي أي قبل نهاية عام 2012 بلغ 1892 فرداً، وبقيت جميع النقاط الحدودية الثلاثة (الوليد وربيعة والقائم) مفتوحة أمام العراقيين العائدين». وأكد التقرير الذي حصلت «الحياة» على نسخة منه أن «العدد الكلي للعراقيين ممن قرروا العودة إلى العراق من سورية بلغ 63255 فرداً ضمنهم 6 آلاف عادوا جواً. وكانت بغداد الأكثر تسجيلاً للعائدين، غير أن 33782 فرداً لم يتمكنوا من الاستقرار مجدداً في مناطقهم الأصلية وقرروا العودة مجدداً إلى سورية». وتابع التقرير أن ممثلي الأممالمتحدة الموجودين عند الحدود العراقية - السورية، وحتى العاملين داخل العراق أو سورية، أجروا مقابلات مع العراقيين الذين لم يتمكنوا من البقاء في بلدهم وقرروا العودة، وأوضح بعضهم أنهم يزورون سورية بشكل موقت بهدف الحصول على المنحة النقدية المقدمة من مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في سورية وكذلك السلة الغذائية ونسبة 80 في المئة من تغطية التكاليف الطبية والعلاجية، بينما أفاد آخرون بأنهم يعودون بشكل موقت بهدف بيع ممتلكاتهم والحصول على الشهادات المدرسية لأطفالهم والتي تطلبها منهم وزارة التربية العراقية. وذكر آخرون بحسب المصدر نفسه، أنهم لم يتمكنوا من بلوغ مكاتب المفوضية في سورية للتسجيل ضمن برنامج إعادة التوطين الطوعية، مؤكدين انعدام الأمن في شوارع دمشق. وأفادت التقارير أن العديد من العائلات العراقية التي تسكن دمشق وريفها نزحت من مساكنها بسبب الاستهداف الطائفي من قبل الجماعات المسلحة، وهناك من يرفض العودة أصلاً إلى العراق بسبب الارتفاع الكبير في كلفة المعيشة وعدم وجود مأوى مناسب لهم بعدما باعوا جميع ممتلكاتهم قبل مغادرتهم البلد. وتقول «أم زيد»، وهي عراقية مقيمة في سورية، في اتصال مع «الحياة»، إن «شريحة من العائلات العراقية وقعت بين نارين، فهي غير قادرة على العودة إلى العراق مخافة استهداف رب العائلة كونه من قيادات حزب البعث المحظور، ولا تستطيع أيضاً البقاء في سورية للسبب نفسه». وتابعت أن البعض خاطر بالسفر كمرحلة أولى إلى شمال سورية أي المناطق التي تسكنها غالبية كردية، ومن هناك تمكنوا من العبور إلى إقليم كردستان، والمشكلة حالياً هي كيف تتمكن العائلات من الخروج من دمشق التي أصبحت محاصرة. صالح محمد (39 سنة) رجل أعمال عراقي مقيم في حلب أكد من جانبه أن «نسبة كبيرة من العراقيين يديرون مصالح تجارية وصناعية واستثمارية كبيرة في المدن السورية، وهم غير قادرين على تركها». وتابع: «آخرون فضلوا البقاء والتسجيل لدى مكاتب مفوضية اللاجئين للاستفادة من أوضاع سورية والحصول على فرصة اللجوء إلى بلد ثالث». مسؤول الدائرة الإنسانية في وزارة الهجرة والمهجرين العراقية ستار نوروز أكد ل «الحياة» بدوره أن «وزارته سبق أن شكلت غرفة عمليات لمنح العوائل العراقية العائدة مبلغ 4 ملايين دينار (3200 دولار)، بهدف الحصول على سكن مناسب إلى حين الاستقرار التام». وتابع أن «هناك عائلات تمتلك بيوتاً في مناطقها لكن إما تم التجاوز عليها أو أنهم أجروها قبل مغادرتهم العراق، وهنا أيضاً تتدخل الوزارة بالتنسيق مع وزارة الداخلية لإخلاء دورهم».