انعكس فرض عقوبات اقتصادية دولية على إيران وسورية، وتنامي تداعياتها على اقتصاد هاتين الدولتين، على أوضاع الجالية العراقية الضخمة المقيمة هناك، اذ أجبرت بحسب اعتراف الحكومة العراقية، إما بالعودة أو الانتقال إلى بلد ثالث. وقدرت «المفوضية السامية لشؤون اللاجئين» التابعة للأمم المتحدة عدد العراقيين النازحين إلى سورية بمليون وربع مليون نازح. وأعلن العراق تواجد ما لا يقل عن 50 الف عائلة عراقية في مخيمات ومدن إيرانية، نزحت من العراق منذ مطلع الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وأوضح ان العدد الكلي للنازحين في الداخل والخارج لا يقل عن أربعة ملايين، بينهم من تمكن من الحصول على لجوء في دول عدة. وأكدت وزارة الهجرة العراقية على لسان الوكيل الأقدم، القاضي ازغر الموسوي، تصاعد عدد العائلات العائدة من النزوح في الداخل والخارج. وأعلن في تصريح الى «الحياة» أن عدد العائدين المسجلين في سجلات العودة في البلاد ككل وصل إلى 180761 عائلة. وأكد أن الوزارة مستمرة في دعم فئات من المهجرين والمهاجرين والنازحين، ضمن الخطة الإستراتيجية التي وضعتها للعام الحالي، عبر الدعم المادي والمعنوي. وعن أوضاع العراقيين في كل من سورية وإيران، ذكر ان لجاناً عراقية تتابع امورهم. وأوضح أن فرض عقوبات اقتصادية على هاتين الدولتين والأوضاع غير المستقرة لسورية ومصر واليمن وليبيا، زادت مشاكل الجالية العراقية، مؤكداً أن بعض العراقيين في سورية تعرضوا للاستهداف المباشر، ما أجبرهم على النزوح إلى مناطق سورية أخرى. ولفت الى أن وزارته والحكومة العراقية لا تستطيعان الطلب من الجاليات العراقية العودة، إلا طوعاً. وأضاف: كل ما نستطيع فعله هو مساعدتهم في تلك البلدان بتقديم منح مالية لهم، كان آخرها توزيع 400 دولار على كل عائلة في سورية وإيران، وتسهيل مهمة الراغبين في العودة منهم بشكل طوعي». وأشار إلى أن نسبة العودة في تصاعد لافت، على الصعيد الداخلي أو الخارجي، لأسباب كثيرة منها زيادة منحة العودة من مليون ونصف مليون دينار عراقي (1200 دولار) إلى أربعة ملايين (3200 دولار)، وتخصيص أراضٍ سكنية للعائدين وتوفير فرص عمل لهم، وتطبيق إستراتيجية الحكومة بتأمين المناطق وزيادة التخصيصات المالية للوزارة إلى ثلاثة أضعاف وتوفير خدمات وغيرها. معالجة الملفات وتوقع خلال تموز (يوليو) المقبل الشروع في معالجة ملفات الراغبين من النازحين في الاستقرار في مناطق النزوح، وتوفير الخدمات للعائدين عبر الوزارات المختصة، بخاصة داخل المجمعات التي بنيت للنازحين في سهل نينوى، باعتبارها أصبحت مركزاً للأقليات الدينية. وأوضح الموسوي أن القصد من اغلاق ملف العودة، هو البدء بتسجيل العائلات الراغبة في إنهاء ملفاتها طوعاً، إذ ان هنالك عائلات لا ترغب في العودة، لظروف أمنية أو اقتصادية أو اجتماعية. وأوضح ان لجنة ستزور إيران قريباً للاطلاع على مشاكل الجالية العراقية، إضافة إلى وجود لجان تزور إيران دورياً لتقديم مساعدات مالية، كان أخرها تقديم 400 دولار لكل عائلة ومساعدة تلك الراغبة في العودة. وتابع أن المخيمات الخاصة بالعراقيين في إيران تقلص عددها، وباتت تحوي نحو 50 ألف عراقي، وهناك تعاون بين الحكومتين لمساعدتهم وإعادة حقوقهم، إذ ان بعضهم أسقطت عنهم الجنسية العراقية في زمن النظام السابق. وبحسب الإحصاءات، رفض نحو 180 ألف عائلة عراقية مهجرة في الداخل العودة إلى مناطقها الأصلية، فرضخت الحكومة العراقية لرغباتها في الاستقرار في مناطق جديدة. وأوضح تقرير الأممالمتحدة أن بغداد سجلت اكبر نسبة عودة بين المحافظات الأخرى بنسبة 33 في المئة عام 2011 والنجف 12 في المئة وكربلاء 11 في المئة، وكانت نسبة العودة في الداخل أكبر من الخارج، بنسبة 73 في المئة. وأكد أن بعض المحافظات العراقية لم يشهد أي نزوح داخلي، بخاصة مناطق إقليم كردستان. وأفاد معاون مدير الدائرة الإنسانية في وزارة الهجرة المسؤول عن ملف العراقيين في الخارج، ستار نوروز، بأن الحكومة العراقية أعدت إستراتيجية لإنهاء ملف النزوح، سواء في الداخل أو الخارج، يجهز نهاية السنة، يصار بعده إلى إعداد مسح ميداني شامل وتقرير نهائي عن العدد الكلي للنازحين والعائدين، وغير الراغبين في العودة. وأضاف أن وزارته بدأت منذ العام الماضي تطبيق إستراتيجية العودة بزيادة المنحة لكل عائلة عائدة إلى 4 ملايين دينار (3200 دولار)، وشيدت ستة مجمعات سكنية وزعت على العائدين أو الراغبين في البقاء في مناطق النزوح، بالتعاون مع المفوضية، ناهيك عن شمول بعض الفئات بتوزيعات أراض وإعادة الجنسية العراقية لهم، والموظفين الى دوائرهم والطلاب الى مدارسهم، وإعطائهم تعويضات وتأمين مصادر دخل لهم. وعن أسباب رفض بعض العائلات النازحة داخلياً وخارجياً العودة، اوضح أنها متعددة من أهمها أنهم يقلقون من العودة لعدم امتلاكهم سكناً في العراق وانعدام فرص العمل، أو فقدان وثائق ثبوتية تؤكد انهم عراقيون، او التخوف من الأوضاع الأمنية وغيرها. وذكر أن عدد العراقيين في دول الجوار في تناقص مستمر، فخلال شهرين فقط عادت 20 ألف عائلة من سورية، والعودة مستمرة لكنها طبيعية بإعداد اعتيادية، وهنالك من فضل اللجوء إلى بلد ثالث كتركيا والأردن ومصر وأوروبا وأميركا. ولفت الى ان الأوضاع الاقتصادية للنازحين في إيران (50 ألف عائلة) صعبة جداً، وتسعى السلطات العراقية إلى إغلاق المخيمات عبر التنسيق مع الجهات الإيرانية. وأوضح ان بعضهم لا يعاني مشاكل لاندماجه في المجتمع هناك.