أكد الدكتور عبدالله الغذامي أنه جاء بشخصيات من الصحوة نفسها ليتكلموا عن الصحوة، مشيراً إلى أن هذه الشخصيات ليست منشقة على الصحوة، بل لا تزال داخلها، «وبعضها يعتبر نفسه صانعاً للصحوة». وقال في المحاضرة التي نظمها نادي أبها الأدبي مساء الثلثاء الماضي، وعنوانها «مرحلة ما بعد الصحوة» وأدارها رئيس النادي الدكتور أحمد آل مريع، إنه حينما استخدم مصطلح «ما بعد الصحوة»، فإن «ما بعد» لا تعني نهاية الشيء، «وإنما هي انتقال من مرحلة التسمي الكامل إلى صيغ أخرى تمثلها «ما بعد». وأضاف أن الصحوة ككتلة زمنية انتهت، «لكنها لم تنتهِ في الوقت ذاته؛ بمعنى أنها انتقلت من منظومة صفات إلى منظومة صفات أخرى، فتغيرت حالها ودخلت مرحلة ال «ما بعد». وأوضح أن هذه المرحلة ليست سؤالاً حول ما إذا كانت انتهت أم لم تنتهِ، مشيراً إلى أن السؤال حول تلك المرحلة، هل انتهت أم لم تنتهِ، هو في الخطأ المنهجي. وأضاف أنه يشتغل بالمسألة المصطلحية والتغيّر الثقافي للحالات، من خلال اشتغاله بالنقد الثقافي. وأشار إلى أنه سيتحدث عبر مراحل ثلاث: أولاً محور المصطلح، مفهوم الحشد ويقابله مفهوم الجماهير، مفهوم الأتباع ويقابله مفهوم المتابعين. وأكد أن الحشود التي واكبت عصر الصحوة، «تغيرت مفاهيمها كثيراً، فأصبحت الجماهير أكثر وعياً وتقبلاً للطرف الآخر أياً كان»، لافتاًَ إلى أن الموالين والمناهضين للصحوة هم الذين يخلطون، «فالموالي لها ولاءً تاماً يقول إن الصحوة هي الدين، والمعارض لها معارضة تامة، يقول الصحوة هي الدين، فكل تصرف صحوي ينسب إلى الدين فيصبح الذم على الدين»، مؤكداً أننا إذا لم نفصل بين الاثنين فإن البحث العلمي سيتعطل. وانتقد الغذامي الصحوة إذ شبهها بعدد من التيارات الفكرية الأخرى، مثل الليبرالية والعلمانية والقومية. وقال إن الصحوة ورموزها لم يختفوا بشكل نهائي، «إلا أنهم لم يعودوا بحشودهم وكتلهم كما كانوا». ولفت إلى وجود غالبية صامتة تكون عادة مع الصوت الأقوى ولا تشارك بفعالية في السابق، «ومع تويتر نطقت هذه الغالبية». وقال إن «تويتر» غيّر كثيراً من النظريات، «إذ كشف الاختلاف الكبير الذي تعيشه الصحوة من داخلها بجوانبها السرورية والإخوانية والجامية، وإن كانوا لا يرتضون تسميتهم بتلك المسميات». وتطرق الغذامي إلى التوجس الذي زرعته الصحوة في نفوس أتباعها من ناحية الآخرين، واستدل بما حصل في معرض الكتاب من تصريحات وأقوال كثيرين من أنصار الصحوة حول ما يُباع ويدور في هذا المعرض. واختتم الغذامي محاضرته بالقول إن الصحوة تختلف عن التدين، «فالصحوة غابت إلا أن التدين باقٍ لكونه لا يختص بفئة دون أخرى ولا يحتكر، إضافة إلى أن صوت الحشود لم يعد موجوداً، وصبغة التدين أعمل وأشمل دون أحزاب أو عناوين». وراوحت المداخلات بين الحدة والهدوء، إذ اتسمت بعض المداخلات بالانفعال وإطلاق تهم شخصية للمحاضر، في حين تناولت مداخلات المد الإسلامي، مؤكدة أنه «باقٍ ولن ينحصر بوجود طرح مثل طرح الغذامي». من ناحية أخرى، أجاب الغذامي على بعض المداخلات قائلاً إنه لا يوجد مد إسلامي «فكل مدٍ له جزر، وإنما الإسلام الحقيقي الذي ندين به لله هو الباقي». وأضاف أنه «مسكون بالهم المعرفي والنقدي والثقافي الحضاري». وفي الختام كرّم رئيس نادي أبها الأدبي الضيف بدرع تكريمية. كما سلم الغذامي شهادة تكريمية من النادي للفنان التشكيلي فايع يحيى الألمعي لجهوده مع النادي.