برزت، في الذكرى السنوية الاولى للغزو الروسي أراضي جورجيا في آب (اغسطس) 2008، مخاطر وقوع عدوان جديد. وأعلن نائب وزير الخارجيّة الروسي المسؤول عن الشؤون الجورجيّة ان نظام ساكاشفيلي شن حملة استفزازات في الذكرى السنوية للحرب، على رغم أن مراقبي الاتحاد الاوروبي لم يجدوا دليلاً على أن الجانب الجورجي مسؤول عن الاعتداءات بالقنابل اليدوية وقذائف الهاون على المناطق المأهولة. وبينما كان الرئيس ميدفيديف، صباح الأول من آب، ومعه وزير الدفاع سيرديوكوف والخارجية لافروف في آسيا الوسطى، ورئيس الوزراء بوتين يسبح في بحيرة بايكال، اتهمت وزارة الدفاع الروسيّة الجانب الجورجي «بإطلاق النار في تسخينفالي وعدد من ضواحيها»، ولوحت ب «استخدام الوسائل المتاحة لحماية مواطني جمهورية أوسيتيا الجنوبية والقوات الروسية». ولا يخفى على أحد أنّ بياناً مثل هذا لا يصدر من غير إذن الإدارة العليا. ومن الواضح أن البيان صيغ قبيل مغادرة المسؤولين الروس موسكو. وعليه، سبق تخطيط الحوادث صدور البيان، على ما خطط للحرب في العام الماضي، ولنشر القوات الروسية في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، واعلان استقلال هاتين المقاطعتين الجورجيتين. ويبدو ان السلطات الروسية تسعى الى اطاحة ميخائيل ساكاشفيلي، وسحق الجيش الجورجي الصغير، وقوات الأمن الداخلي الجورجية. وتأمل في أن تعود المافيات التي همشها ساكاشفيلي الى السلطة، وأن تعود عقارب الساعة الى التسعينات. فيقف حكم المافيات الموالية لموسكو حجر عثرة في وجه هيمنة النفوذ الغربي في المنطقة، ويحول دون مد خط أنابيب الغاز «نابوكو» جنوب القوقاز وتفادي أراضي روسيا ونفطها وغازها. والحق أن موسكو ترى أن النزاع مع جورجيا هو وسيلة لمواجهة الولاياتالمتحدة، وأنه يحاكي نزاعات الحرب الباردة في فيتنام وأفغانستان والشرق الأوسط وأفريقيا ونيكاراغوا. ونشرت البحرية الروسيّة على مقربة من ساحل الولاياتالمتحدة الشرقي غواصتين نوويتين من طراز « 971 تشوكا»، مزودتين بصواريخ طويلة المدى يبلغ مداها 3000 كلم. وثمة اتفاق مع الولاياتالمتحدة يقضي بمنع نشر أسلحة نووية على الغوّاصات الروسية المتعددة المهمات. ولكننا لا نملك صواريخ غير نوويّة. واكتشف البنتاغون ان غواصات روسية تقوم بدوريات قريبة من الساحل الأميركي، ولكنه أعلن أنها لم تنتهك قواعد الملاحة الدوليّة. وفي اثناء حرب جورجيا، استاء بوتين، وهو يمضي وقته في سوتشي المشرفة على البحر الاسود، من نشر سفن حربية اميركية في البحر الأسود قبالة ساحل جورجيا. فنشرت غواصاتنا صواريخها النووية على مسافة تخولها ضرب البنتاغون والبيت الابيض. وفي حال نشبت حرب جديدة مع جورجيا، في المستقبل القريب، من شأن الغوّاصات النوويّة أن تردع الولاياتالمتحدة نووياً من التدخل المباشر في الصراع. فأسلحتنا غير النوويّة لا يعتد بها، ولذا لا نملك غير التلويح بالسلاح النووي. * محلل، «نوفايا غازيتا» الروسيّة، 7/8/2009، إعداد علي شرف الدين