الجيل الحالي من الجمهور الرياضي في السعودية مختلف مضموناً عن أقرانه من أجيال أخرى، وحين أقول ذلك أدركه من خلال احتكاك وتواصل مستمر مع مختلف أطيافه، بل ومن خلال متابعة المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، هناك من يخلط بين شذوذ يراه هنا، وهناك لحالات «منفردة»، ليسبغه على الرؤية الإجمالية، خصوصاً في ظل صورة مرتسمة في الذهنية الاجتماعية العامة عن مشجعي كرة القدم وعشاقها بأنهم متعصبون ب«جهل»، أو جهلاء ب«تعصب»، لكن الواقع يؤكد أن أبناء الجيل الحالي ب«الذات» مختلفون تماماً... علماً بأن هناك مشجعين من جيل سابق يتقاسمون الساحة مع مشجعي «المستقبل»، ولديهم أفكارهم ودائرتهم المختلفة التي تخلط «الحابل بالنابل» أحياناً. في مباراة الاتحاد والأهلي الماضية في دوري أبطال آسيا ظهر ما يثير القلق من احتكاك جماهيري بين عشاق الفريقين بسبب تغريدات تمت «فبركتها»، ونسبها إلى موقع إلكتروني اتحادي، وكان البعض يظن أنها ستحدث «أزمة» لكن النهاية أن المشجعين حضروا للمدرجات وخرجوا منها ب«سلام آمنين» من دون أية احتكاكات تذكر، وهو ما يؤكد على وعي رفيع جداً، والأمر ذاته تكرر في مباراة الإياب، لكن درجة وعي الجماهير كانت أعلى من درجة ادراك وفهم اللاعبين ل«طبيعة المنافسة الرياضية»، فظهرت احتكاكات وألفاظ واتهامات بين اللاعبين لا تليق بمستوى خلاف «شوارعي»، فما بالك بحدث كروي يُنقل عبر شاشات يتابعها الملايين. والنهاية كانت «إيقافات آسيوية». الأدهى أيضاً أن الخلاف امتد على صدر منصات إعلامية مختلفة، وتبادل البعض في حينه نقاشاً لم نسمعه في المنتديات الإلكترونية، التي يكتب بعضهم فيها تحت ستار أسماء مستعارة، ما يتيح لها تجاوز الخطوط الحمراء، لكن النقاش كان أقل شراسة وأكثر منطقية ومخاطبة للعقل. المنطق يفرض نفسه، ومشجع اليوم حتى وإن كان «مجنوناً في عشقه»، إلا أنه يحترم وجهة النظر التي تخاطب عقله ووعيه، لا تلك التي تتعاطى مع عواطفه التي قد تستفزه مرة ومرتين، لكنه سيصيح في الثالثة، قائلاً: «قف أمامك علامة استفهام». المشكلة أن بعض رؤساء الأندية لم يفهموا هذه المعادلة، لذلك لم تفلح محاولاتهم في استنزاف العواطف، فلم تجدِ محاولات إدارة الهلال في تبرير الخروج الآسيوي، ولم تنجح محاولات إدارة الاتحاد في تشتيت الانتباه عند مغادرة البطولة ذاتها، وعلى المنوال ذاته قس. يقول الداعية محمد العوضي في تغريدة له إن ابناء الجيل الحالي ولدوا وفي فمهم «آيفون»، ولذلك أقول لرؤساء الأندية واللاعبين وقدامى الإعلاميين وديناصورات المشجعين: «انتبهوا فأسلوبكم لم يعد مقبولاً، وهناك قطاع كبير «يضحك» على ما تقدمونه لأنكم أصبحتم «مهرجي الساحة». [email protected] aljabarty@