اتصل بي المشجع الأول غاضباً: لماذا لم يفز فريقي في الاستفتاء؟ استفتاؤكم غير صحيح. ولماذا لم يفز اللاعب «......» بلقب نجم الموسم؟ ولماذا لم يفز المحترف الأجنبي «.....» بلقب أفضل لاعب غير سعودي؟ شنف أذني بقائمة من «الإملاءات والاختيارات» من «لون واحد فقط»، يرى أنها الأنسب. قلت له إن الاستفتاء مقسوم إلى جزأين، الأول يخص الخبراء من مدربين وإداريين وإعلاميين، فيما الثاني يخص الجماهير، ومن غضبت على اختياراتهم هم «الخبراء»، فرد عليّ قائلاً: خبراؤكم لا يفهمون في كرة القدم، هؤلاء ملونون، إنهم يكرهون فريقي، وأنتم تساعدونهم في محاربة فريقي المفضل. بعدها بدقائق، اتصل بي مشجع آخر يشجع الفريق المنافس للمشجع الأول، وقال لي: لماذا لم يفز لاعب وسط فريقي بلقب أفضل لاعب أجنبي، مع أنه أفضل لاعب غير سعودي الموسم الماضي ولا يضاهيه أحد؟ فقلت له: ولا أبو شروان، قال لي ولا أبو شروان، ولا التائب ولا غيره. قلت له: إن هذه آراء الخبراء، فرد علي: انتم ضد فريقي المفضل. بعدها بدقائق، اتصل مشجع ثالث قائلاً أنتم لا تعرفون سوى فرق المقدمة ونجومهم، وإلا فمهاجمنا الأفريقي هو الأفضل، فشرحت له أن هذه آراء الخبراء والجماهير الذين لم يختاروا مهاجمكم، قال لي جماهيرنا لا تتفاعل مع هذه الاستفتاءات، ومهاجمنا نجم بلا استفتاء. لم تتوقف الاتصالات، واتصل الرابع حانقاً: كيف يفوز فريقي بلقبين فقط، بينما المفروض أن يكتسح الاستفتاء، فهو أحسن فريق، ولديه أفضل الأجانب وأفضل اللاعبين الواعدين، ومبارياته الأفضل ونجومه الواعدون الأحسن، ومدربه أحسن المدربين، لكنكم لا ترغبون في أن تؤكدوا أنه الأفضل والأحسن والأروع بين كل فرق العالم العربي. لم تتوقف اتصالات المشجعين، لكن تفاوت آرائهم وتضادها أكدا لنا حقيقة «العاطفة»، التي يتعامل بها المشجعون مع ما يخص أنديتهم ولا نلومهم في ذلك، فهم عاشقون هائمون محبون يرون في محبوبتهم «الكمال»، ويعاملونه ب«دلال» مبالغ فيه أحياناً. لكن «الاستفتاءات» لا تخضع للعواطف والميول، فهي تخضع لاختيارات الخبراء من مختلف المجالات والمشارب، الذين تعاملنا معهم بشفافية كاملة، فنشرنا اختياراتهم على مدى قرابة شهرين يومياً، وكانت خياراتهم معلنة ومنشورة على الملأ وبوضوح. أتساءل مع «المنطقيين» فقط، وأطالب العشاق بتجاوز «هيامهم» للحظات، على رغم أن هذا صعب، وأقول هل من المستغرب ألا يُتوّج «الخبراء الشباب» بلقب أفضل فرق الموسم؟ وهل من الطبيعي ألا يفوز أسامة هوساي بلقب نجم الموسم؟ وهل من الطبيعي ألا يكون نايف هزاي أفضل لاعب واعد، وهشام بوشروان أفضل اللاعبين غير السعوديين؟ وهل من غير المنطقي ألا يفوز بتال القوس بأفضل مذيع تلفزيوني، وألا يكون خالد الشنيف أفضل المحللين؟ وقد نختلف على اختيار أحدهم مثلاً، لكننا نتفق على أن هؤلاء هم «الأميز»، أو بعبارة أخرى في قمة الأكثر «تميّزاً». لا أحد يستطيع أن يجادل في استفتاء «الحياة»، فهو لم يتم عبر لجنة شكّلتها الصحيفة، أو عبر ترشيحات خاصة محددة، بل كان الأمر متاحاً منشوراً بأسماء المشاركين الصريحة، وكان دورنا يقتصر على إحصاء وفرز هذه المشاركات، ولم نجر الاستفتاء خلف المكاتب، بل تم بطريقة «معلنة» للملأ، ونشرناها واضحة يومياً على صدر الصفحة الرياضية الأولى، وكان الجميع يقرأ اختيارات «المشاهير» من كل شرائح الساحة الرياضية. لن أفرض رأيي على أحد، لكنني أعتقد أن خيارات الخبراء المنشورة بالكامل كانت منطقية من وجهة نظري الشخصية إلى حد كبير، أما خيارات الجماهير فلن أعلق عليها، لأن للجماهير في ما يعشقون «مذاهب». [email protected]