يعوض السوريون غياب منتخبهم عن نهائيات كأس العالم التي لم يبلغها حتى اليوم عبر تاريخه، بالاصطفاف خلف هذا المنتخب أو ذاك من المنتخبات العالمية المشاركة في الحدث الكبير، وينقسمون في أحياء أو مجموعات من المشجعين لكل منها طقوسها الخاصة في التشجيع والإعداد للحدث. وتدور رحى الصراعات بين هذه المجموعات عبر شرفات المنازل وواجهاتها التي تحولت مسرحاً لعشاق اللعبة الذين تفننوا في التعبير عن عشقهم لهذا المنتخب أو ذاك من خلال نشر أعلام دول تلك المنتخبات بأحجام مختلفة وصلت إلى قياسات عملاقة، ومن خلال الأعلام والملصقات الموجودة على السيارات الخاصة يمكنك أن تعرف ميول أصحابها وأي المنتخبات يشجعون. وتعد الأحياء المجاورة لإستاد العباسيين الدولي في قلب العاصمة دمشق من أكثر الأحياء الدمشقية توشحاً بالأعلام واللافتات، دون أن يقتصر الأمر عليه، حيث تشهد أحياء كثيرة ذات الأجواء الكرنفالية مثل دمر وكفرسوسة وباب توما وغيرها. وفي كل المقاهي التي يختلف عدد نجماتها وحتى تلك التي دون نجمات (الشعبية) وصلت الجاهزية إلى أقصى درجاتها حيث زينت بأعلام الدول المشاركة في المونديال، وتسلحت بشاشات كبيرة ثبتت على جدرانها، واللافت أن بعضها وبعض المطاعم خصصت أماكن لمشجعي كل منتخب على حدة، ففي هذه الزاوية يجلس مشجعو البرازيل وفي تلك يرتاح مشجعو إسبانيا وهكذا. ومن طرائف تلك المقاهي أن بعض العاملين فيها (الجرسونات) سيرتدون زي الدول التي يشجعونها، وكما صرحوا لنا أنهم لن يخدموا منافسيهم من رواد المقهى الذين لا يشجعون فريقهم.. ويعول أصحاب تلك المقاهي والمطاعم على هذه المناسبة والرواد الذين سيتابعون المونديال كثيراً لتحقيق الربح الوفير. وعمدت المطاعم الصغيرة إلى الاشتراك في القنوات الفضائية الناقلة لمباريات كأس العالم ووضعت شاشة كبيرة في صدر المطعم، وهو ما لم تفعله من قبل، كما يحدث في مطاعم سوق ساروجة الشعبية التي اتخذت طابع السياحية نظراً لتواجد أعداد كبيرة من السياح الأجانب الذين يحملون جنسيات مختلفة، حيث سيكون جو التشجيع مختلفاً جداً لوجود السياح الأجانب والمواطنين السوريين معاً. وكان نادي السيارات السوري قد سبق أجواء التشجيع بإطلاق مبادرة تمثلت بتقسيم المشاركين في رالي اكتشف سوريا إلى عدة فرق حسب المنتخبات التي يشجعها كل فريق، وفي النهاية فاز الفريق الذي يشجع منتخب هولندا مع وجود منافسة قوية من الفرق التي تشجع البرازيل وألمانيا وإسبانيا والأرجنتين، وكانت السيارات موشحة بأعلام تلك الدول، وانتقلت أجواء التشجيع المونديالي مع المتسابقين إلى أماكن السهر والطعام والاستراحات أيضاً. وقبل أن تبدأ المنافسات المونديالية بأيام تلمس الجو الحماسي بين المشجعين وانقسامهم كل يرجح كفة فريقه ونالت البرازيل الحصة الكبرى من كفة المتابعين تليها الأرجنتين وإسبانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. ولا تقتصر الأجواء الاحتفالية على مدينة دمشق العاصمة بل تمتد إلى بقية المحافظات والمدن وحتى الأرياف السورية التي تتفنن في التشجيع والزينة، حتى إن أحاديث المونديال وأخباره تطغى على حديث السهرات بدل لعب الورق المعتاد يومياً، ومن خلاله تدرك مدى متابعة الجالسين لمنتخباتهم ونجومهم الدقيقة ويصل النقاش في بعض الأحيان حد الشجار بصوت عال.