لم يستسغ كثير من المصريين هذه المرة حديث دعاة عن أن الاستفتاء على مشروع الدستور هو استفتاء على الشريعة الإسلامية والدين، وبدا أنهم قرروا التصدي لهذه الادعاءات بعدما تكرر في اليومين الماضيين اعتراض مصلين على حديث أئمة في هذا الصدد ما سبب مشاكل تطورت إلى حد اشتباكات واحتجاز دعاة. كما طاردت الهتافات المناهضة قيادات في جماعة «الإخوان المسلمين» أمس أثناء اقتراعهم في المرحلة الأولى من الاستفتاء. ولطالما اعتمد التيار الإسلامي على الدين لتمرير توجهاته، فكرر حججه لتمرير تعديلات دستورية أُقرت بعد «ثورة 25 يناير» بنحو شهرين بعدما زعم دعاة بارزون أن هذه التعديلات من شأنها «ضمان تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر»، وهو ما روجوا له بكثافة في الأيام الماضية، لكن هذه الحجج لم تنطلِ على معارضي مشروع الدستور الذين واجهوها. واحتجز مئات أول من أمس إمام مسجد القائد إبراهيم في الإسكندرية أحمد المحلاوي ساعات طويلة بعدما اتهم معارضي الدستور بأنهم «مخربون» يعادون الشريعة، ما اعترض عليه بعد صلاة الجمعة عدد من المصلين الذين استمعوا إلى خطبته، وتطور الموقف إلى حد الاشتباك بين مؤيديه ومعارضيه في ساحة المسجد الذي حاصرته حشود المعارضة ومنعت خروجه حتى قرب الفجر، بعدما أقنعت القيادات الأمنية الجموع أن لا محتجزين من بين المعارضين داخل المسجد. وتكرر هذا الأمر أمس حين احتجز عشرات الداعية المثير للجدل عبدالله بدر في مسجد العمري في مدينة قها في محافظة القليوبية (في دلتا مصر)، وهو معروف بآرائه الحادة وانتقاداته اللاذعة للمعارضة التي تصل في كثير من الأحيان إلى حد السب. وأثناء إلقاء بدر محاضرة للمصلين سب كعادته معارضي مشروع الدستور، وقال إنهم «جزم يهود»، فاعترض أحد الحاضرين وخاطبه: «أنا واحد من المعارضين الذين تقول سنعلقهم على أبواب المساجد...»، لكن بدر كشر عن أنيابه فجأة ونهره في شدة وطرده من المسجد، قائلاً له وهو يلوح بيديه: «اطلع برة يا ولد»، ثم التف أنصار بدر حوله وقالوا له: «هتعارض اطلع برة»، ما أثار حفيظة آخرين، فتحول الأمر إلى مشادات ثم تجمع عدد من أهالي المدينة حول المسجد ومنعوا بدر من الخروج حتى أتت قوات الأمن وأمنت خروجه. من جهة أخرى، لاحقت الهتافات المنددة بجماعة «الإخوان» قادة فيها أثناء الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء، إذ هتف مواطنون ضد مرشد «الإخوان» محمد بديع أثناء خروج نائبه خيرت الشاطر من مدرسة طابا في مدينة نصر بعدما تجاوز المواطنين الذين اصطفوا في طوابير طويلة بانتظار الإدلاء بأصواتهم، وظلوا يهتفون: «باطل» و «يسقط يسقط حكم المرشد». وتكرر الموقف ذاته مع القيادي في جماعة «الإخوان» نائب محافظ الإسكندرية حسن البرنس أثناء إدلائه بصوته في لجنة كلية الزراعة في الإسكندرية، وهتف معارضو الجماعة أثناء خروجه من اللجنة: «فين الزيت فين السكر... يسقط يسقط حكم المرشد».