شهدت مدينة الإسكندرية (شمال مصر) اشتباكات دامية بين مؤيدي مشروع الدستور الجديد ومعارضيه جُرح فيها عشرات بعدما احتج المعارضون على استخدام داعية معروف المسجد الأكبر في المدينة للترويج لمشروع الدستور الجديد الذي تنطلق المرحلة الأولى من الاستفتاء عليه اليوم. وفي القاهرة، تظاهر آلاف من مؤيدي مشروع الدستور من أنصار التيار الإسلامي، خصوصاً جماعة «الإخوان المسلمين» أمام مسجد رابعة العدوية في حي مدينة نصر ورفعوا لافتات تأييد للرئيس محمد مرسي ولمشروع الدستور، تحت شعار «نعم للشرعية»، فيما نظمت قوى المعارضة مسيرات حاشدة شارك فيها آلاف تحت شعار «لا لمشروع الدستور» جابت شوارع القاهرة وتوجهت إلى ميدان التحرير ومحيط قصر الاتحادية الرئاسي الذي شهد إجراءات أمنية مشددة على رغم حصاره بالجدران الخرسانية. وتوجهت مسيرات المعارضة من وسط القاهرة وأحياء الدقي والزمالك وشبرا والجيزة إلى ميدان التحرير، فيما توجهت حشود من العباسية وكوبري القبة ومصر الجديدة إلى محيط قصر الاتحادية. وهتفت: «مرسي لازم يمشي، المرشد ما يحكمشي» و «يا بديع يا مغرور، هنقول لأ للدستور» و «مش عاوزين دستور بديع، دم الشهدا مش هيضيع»، و «يا بلدنا ثوري ثوري، ضد دستور مش دستوري». ونصب المعتصمون في ميدان التحرير منصة واحدة في مواجهة الجامعة الأميركية تجمع أمامها الآلاف ورددوا هتافات ضد مرسي و «الإخوان» والدستور، ووضعوا على المنصة صورة كبيرة للصحافي الحسيني أبو ضيف الذي توفي إثر إصابته في الاشتباكات التي شهدها محيط القصر الرئاسي الأربعاء قبل الماضي، وكُتب على الصورة: «كلنا الحسيني... فارس الصحافة ضحية همجية الإخوان». والتف الميدان بلافتات تهاجم الدستور و «الإخوان» كُتب على بعضها «جوة المطبخ الإخواني سلقوا دستور الغرياني»، في إشارة إلى رئيس الجمعية التأسيسية حسام الغرياني و «الشعب يريد إسقاط النظام» و «إحنا مش ضد الإسلام إحنا ضد الإخوان». وقال خطيب الجمعة في ميدان التحرير إن «الإسلام دعا إلى الاستماع إلى المعارضة وإعلاء خيار الحوار وليس الجدال». وأوضح أن «مصر تمر بمفترق طرق لكنها ستنتصر في النهاية لأن فيها خير أجناد الأرض ولأن شعبها في رباط إلى يوم الدين». وأدى المصلون صلاة الغائب على روح الصحافي أبو ضيف وقتلى اشتباكات الأيام الماضية. أما قرب القصر الرئاسي، فاحتشد آلاف مطالبين بإسقاط النظام وسط تواصل اعتصام المئات في محيطه، وعززت قوات الحرس الجمهوري من وجودها وتجنبت الاحتكاك بالمتظاهرين الذين أزالوا الأسلاك الشائكة أمام أحد بوابات القصر وتجمعوا أمامها وظلوا يهتفون «ارحل». وشارك آلاف في تظاهرات «نعم للشرعية» التي دعت إلى تنظيمها جماعة «الإخوان» أمام مسجد رابعة العدوية في مدينة نصر شرق القاهرة. وتكفل شباب جماعة «الإخوان» بتنظيم حركة المرور في الشوارع المحيطة بالمسجد. وشارك في التظاهرات إلى جانب «الإخوان» و «الجماعة الإسلامية» قطاع كبير من السلفيين ليس بينهم «حزب النور» الذي عزا ذلك إلى «انشغاله بالحشد للتصويت بنعم على الدستور» اليوم. وهتف مؤيدو مرسي والدستور: «نعم نعم للدستور» و «يا شهيد نام وارتاح وإحنا نكمل الكفاح» و «يسقط يسقط الفلول» و «عاش الرئيس مرسي عاش دم الشهداء مرحش بلاش» و «يا دي الظلم ويا دي العار الفلول عاملين ثوار». ولم يكن الوضع في الإسكندرية هادئاً كما القاهرة، إذ شهد ميدان القائد إبراهيم اشتباكات عنيفة بين أنصار مشروع الدستور ومعارضيه على خلفية رفض المعارضين استخدام منبر المسجد للترويج للدستور. وكان خطيب مسجد القائد إبراهيم أحمد المحلاوي حض المصلين في خطبة بعد صلاة الجمعة على التصويت بنعم في الاستفتاء اليوم، واصفاً الرافضين بأنهم «من المخربين الذين لا يريدون الاستقرار للبلد»، وهو ما اعترض عليه رافضو الدستور وقاطعوا المحلاوي مطالبين بإنزاله من على المنبر لأنه يستغل المسجد في الترويج لفريق سياسي، ما أدى إلى مناوشات داخل المسجد بين المعارضين والمؤيدين تطورت إلى مشادات ثم اشتباكات أمام أبوابه، ما دفع المحلاوي إلى إنهاء خطبته سريعاً وإغلاق أبواب المسجد بعدما احتجز أنصار التيار الإسلامي عدداً من المعارضين داخله، ما أثار غضب المعارضة التي احتشدت في ساحة القائد إبراهيم لإطلاق المحتجزين الذين حررهم الأمن في وقت لاحق، ودارات اشتباكات بين المعارضين والمؤيدين استخدمت فيها الحجارة والعصي والأسلحة البيضاء وجرح العشرات. وحُرقت ثلاث سيارات. وروى شهود أن مجموعة من المعارضين حطموا سيارة كان يستقلها ملتحون وفيها سيوف وزجاجات حارقة، فيما أظهرت صور شروع إسلاميين في استخدام سيوف لضرب المعارضين. لكن الشرطة تدخلت ومنعتهم من ذلك كي لا تأخذ الاشتباكات منحى أكثر دموية. ورفع الإسلاميون المصاحف في تظاهراتهم. وقطع ناشطون من المعارضة طريق الكورنيش الرئيس. وشهدت مساجد عدة في محافظات مختلفة مشادات بين المعارضين والمؤيدين على خلفية تعمد عدد من الدعاة توجيه الناخبين إلى التصويت بنعم على الدستور، وتحولت المشادات إلى اشتباكات محدودة، ما ينذر بحصول أعمال عنف اليوم خلال التقاء الحشود أمام لجان الاستفتاء. وكان لافتاً أن أكد إمام مسجد الفاروق في ضاحية التجمع الخامس في خطبة الجمعة التي حضرها الرئيس أن من يظن أن الرفض أو الموافقة على الدستور طريقاً للجنة أو النار، فهو مخطئ. وقال: «هذا تجرؤ على الله تعالى، فليس لأحد أن يحكم على أحد بجنة أو نار إلا الله عز وجل». ودأب التيار الإسلامي على مداعبة مشاعر البسطاء بالقول إن مشروع الدستور يضمن تطبيق الشريعة الإسلامية وأن من يعارضه فهو يعارض الدين ومآله إلى النار، في محاولة لكسب تأييد للمشروع.