«جبهة النصرة» التي أدرجتها الولاياتالمتحدة على لائحة المنظمات الإرهابية معتبرة إياها من فروع تنظيم «القاعدة»، هي اكبر مجموعة جهادية نشأت في سورية بعد اشهر من بدء النزاع الدامي المستمر منذ منتصف آذار (مارس) 2011. ولا توجد معلومات كثيرة حول جبهة النصرة وكيفية نشوئها فجأة بعد اشهر قليلة على بدء النزاع السوري في 2011، ولا يعرف عدد مقاتليها. إلا أنها، بحسب وزارة الخارجية الأميركية مرتبطة بتنظيم «القاعدة» في العراق. وفرضت واشنطن عقوبات مالية على احد قادة النصرة المفترضين ويدعى ميسر علي موسى عبدالله الجبوري وهو عراقي، وكان عضواً في تنظيم القاعدة في العراق في منطقة الموصل. وبحسب صحافيين في فرانس برس التقوا بالعديد من أعضاء المجموعات المقاتلة في سورية في مناطق باتت خارجة عن سيطرة النظام، فإن غالبية أعضاء الجبهة من السوريين، لكن بينهم أيضاً مقاتلون أجانب من جنسيات مختلفة: عرب (فلسطينيون وعراقيون وغيرهم)، وقوقازيون، وآخرون من آسيا الوسطى، ومن شمال أفريقيا ومن أوروبا الشرقية. وتضمن آخر بيان علني لهذه الجبهة عبر شريط فيديو نشر على الإنترنت في نهاية كانون الثاني (يناير) 2012 دعوة إلى «الجهاد» ضد نظام بشار الأسد «الكافر». وكانت الجبهة تبنت سلسلة تفجيرات بعضها انتحاري نفذت في مناطق مختلفة من سورية واستهدفت خصوصاً تجمعات أمنية وعسكرية. وجاء في تقرير لمجموعة الأزمات الدولية (انترناشونال كرايزيس غروب) صدر أخيراً أن نوعية الصور السيئة التي كانت تبثها الجبهة في أشرطتها والعبارات المرفقة بالأشرطة باللغة الإنكليزية والخطاب الطائفي «أثارت انطباعاً في البداية بأن الجبهة من صنع النظام، يعمل من خلالها على ضرب صدقية الثورة». وشيئاً فشيئاً، فرضت جبهة النصرة نفسها رأس حربة في القتال ضد نظام الرئيس بشار الأسد، محققة نقاطاً على حساب الجيش السوري الحر المنقسم ضمن مجموعات لا تعد والذي يفتقر إلى التنظيم والتجهيز والتمويل التي تحظى بها الجبهة، من دون أن يعرف مصدر هذا الدعم. وفي آخر إنجازات جبهة النصرة العسكرية، استيلاؤها على قاعدة الشيخ سليمان العسكرية ما عزز سيطرة مجموعات المعارضة المسلحة على ريفي إدلب وحلب، وزاد من عنصر التنافس بينها وبين الجيش السوري الحر الذي يحاول توحيد قيادته وتنظيم صفوفه بالتنسيق مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وقد نال هذا الائتلاف بعد أسابيع من نشأته اعترافاً من الولاياتالمتحدة ودول أخرى غربية وعربية. وأشار تقرير مجموعة الأزمات الدولية إلى أن الهدف الأول بالنسبة إلى النصرة «هو الإطاحة ببشار الأسد، لكن الانتصار لن يكتمل إلا بإقامة دولة إسلامية تستند إلى الشريعة». وينتشر مقاتلو جبهة النصرة على ابرز الجبهات في سورية زارعين أعلامهم السوداء التي تحمل عبارة: «لا اله إلا الله». وهم موجودون أيضاً في بعض القواعد الخلفية مثل أطمة، البلدة الحدودية مع تركيا.