هل يمكن الحديث عن «فضائيات صغيرة»؟ نعني هنا البث الفضائي لقنوات محدودة الفعل والتأثير، في مواجهة قنوات أخرى تستحوذ على كل شيء وبالذات تحتكر الأنشطة الكبرى والأحداث العالمية المهمة بما يحمله ذلك من احتكار للإعلانات بالطبع. يقال دائماً أن البث التلفزيوني الفضائي هو شاشة ترتسم فيها صورة العلاقة بين التلفزيون والعولمة أكثر من أي مساحة أخرى، ويبدو الأمر بوضوح أشد في النقل الفضائي لمباريات كرة القدم عموماً وخصوصاً مباريات الدورات الكبرى كما هي حال كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية وما يماثلهما. ذلك ما يدعونا لسؤال مطلع هذه المقالة: هل هناك تلفزيون صغير وآخر «كلّي القدرة» ويمتلك إمكانات البث المهم والتي تجتذب مشاهدات واسعة تتعدَى بلداً بعينه فتمتدُ إلى القارات كلّها وتعيدنا كلَ مرَة لأن نتذكر المقولة التي تقول أن العالم بات قرية واحدة وصغيرة. بالتأكيد لا تستطيع القنوات الفضائية «العادية» أن تزاحم القنوات الكبرى في تلك النشاطات العالمية، ومع ذلك لا يجوز لهذه الحقيقة أن تثنيها عن أن تكون على ارتباط بمشاهديها. المسألة هنا لا تتعلَق ببث فضائي محليّ وآخر عالمي، فالفضاء يعني انفتاح مساحة البث ومعها إنفتاح مساحة المشاهدين الذين يمكن أن تتوجه لهم القناة ببثّها. يتعلَق الأمر هنا بالقدرة على التقاط ما يهمُ المشاهد وتقديمه بكيفيات فنية عالية وذات جاذبية خصوصاً وأن التلفزيون هو أولاً وقبل أي اعتبار آخر فن الصورة بامتياز. وهنا أيضا تأخذ المضامين جدارتها من علاقتها بكل ما هو مهم ومفيد وهي تستطيع أن تفعل ذلك بعقلية إعلامية حداثية بالتأكيد. المناسبات الكبرى ومنها أنشطة كرة القدم العالمية تظلُ قليلة وترتبط بمناسبات محدّدة، لكن أيام السنة الباقية تبقى مفتوحة على اليومي، بل لنقل على ما يحدث كلَ ساعة وكلَ دقيقة من وقائع متلاحقة تشمل مجالات الحياة الإنسانية على اختلافها وتنوعها. نتحدث هنا بعيداً عن فكرة السبق الصحافي، فالكل اليوم متواجدون وبسرعة، لكن الفارق يظلُ قائماً بين تغطية تلفزيونية وأخرى، والفارق تصنعه الأساليب وطرق الإعداد والتقديم. هي معادلة بالغة الدقة، بل تبدو «لعبة فنية» تزخر بشروطها التي تشهد يوماً بعد يوم شروطاً أخرى جديدة ولا عزاء لمن لا يرى.