يقارن بعضهم مذيعي القنوات الفضائية بلاعبي كرة القدم وسبيلهم إلى ذلك فكرة الإحتراف. المذيعون كما يقول هؤلاء ينتقلون من فضائية الى أخرى قد تشبهها قليلاً، وقد لا تشبهها نهائياً، ما يعني أن فكرة «الإحتراف» هي في الأحوال كلها بوصلتهم التي تقودهم وتحدد مساراتهم. بعض اللوم في هذا المجال يأتي في تقديرنا من زمن آخر كان خلاله البث التلفزيوني رسمياً تمتلكه وتحدد مساراته الحكومات، وكان تقنياً محدود الإنتشار لا يتجاوز بثه «بلد المنشأ»، ما لم يكن يسمح والحال هذه بأي مغامرات فنية، أي أن محدودية البث ورسميته كانت تضعه في حيّز الرتابة بالضرورة. مسافة شاسعة قطعها البث التلفزيوني منذ تلك الأيام، الى الحد الذي بات معه مفتوحاً على المغامرة إن لم نقل من دون مبالغة، إن المغامرة أصبحت جزءاً حيوياً من عمله. من هنا نشأت وتنامت الحاجة للبحث عن «الجاذبية» سواء في الموضوعات وأساليب إعدادها، أم حتى في المذيعين الذين يمكنهم تقديمها للمشاهد بطريقة تشدُه للمتابعة، وتؤمّن معها حجماً أكبر من الإعلانات التجارية التي باتت رافداً أساسياً من عمل الفضائيات ووجودها. على رغم كل تلك الملاحظات الموضوعية نلاحظ أن المشاهد العربي لا يزال يرغب في رؤية هذا المذيع أو ذاك ممّن يحبهم «مستقرّاً» في مكانه، بل ويرى انتقاله نوعاً من «الفوضى»، تماماً كما يحدث مع لاعبي كرة القدم المحترفين الذين يستهجن المشجعون فكرة انتقالهم بين الأندية والفرق وابتعادهم عن جمهور شجعهم وانتمى لطرائقهم وأساليبهم في اللعب. وهو احتجاج طالما رأيناه يرتفع في مدرجات كرة القدم من جمهور غاضب على اللاعب، أو في الأقل عاتب عليه. هل نقول انها العولمة؟ ذلك حقيقي إلى حد كبير، فلا مجال تتجسّد فيه العولمة كما هو حال البث الفضائي الذي بات يضع البث المباشر أمام مشاهدي الأرض كلّها، ولعلّنا – مرة أخرى – نشير الى مباريات كرة القدم الكبرى وخصوصاً «كأس العالم» حين يجتمع سكان الأرض على متابعة بث تلفزيوني ينطلق من أحد أركان الأرض ليصل أركانها جميعاً. هل هو الإحتراف؟ ولم لا؟