وفّر «مؤتمر القمة الدولية للنفط والغاز في لبنان» فرصة للاطلاع تفصيلاً على ثروة النفط والغاز في المياه اللبنانية، إذ عرض المشاركون من الخبراء والمتخصصين في جلسات عمل المؤتمر الذي افتتح أعماله أمس في فندق «فينيسيا» في بيروت برعاية وزير الطاقة والمياه اللبناني جبران باسيل، كل تفاصيل الدراسات والمسوح، والخرائط التي تظهر مواقع المخزون في قاع البحر، فضلاً عن المراحل التشريعية التي قطعها لبنان والمعايير المعتمدة في قانون الموارد البترولية في المياه البحرية، وأخيراً تعيين مجلس هيئة إدارة قطاع البترول. ويتمحور النقاش أيضاً حول الإدارة المالية والأسواق وانعكاسات القطاع على لبنان. وركّز المتحدثون في جلسة افتتاح المؤتمر، الذي تنظمه شركتا «بلانرز أند بارتنرز» و «غلوبل إيفنت بارتنرز» برعاية وزارتي الطاقة والمياه والمال اللبنانيتين، ومشاركة أكثر من 250 متخصصاً في القطاع من لبنان والخارج، على أهمية اعتماد الشفافية والحفاظ على البيئة في عمليات الاستثمار على المدى الطويل. إذ لفتت سفيرة الاتحاد الأوروبي أنجلينا إيخورست، إلى «حزمة تشريعية تقضي بضمان احترام إنتاج النفط والغاز في البحر أعلى معايير السلامة والصحة وحماية البيئة، إذ تتوقف وضعية البيئة اللبنانية والمتوسطية على المدى الطويل على القرارات المهمة المتخذة اليوم». وأكدت ضرورة أن تكون هيئة النفط «قادرة على اتخاذ القرارات باستقلال وشفافية وبما يصب في مصلحة جميع اللبنانيين». واعتبرت أن منح تراخيص التنقيب والحفر والإنتاج النفطي «يشكل تحدياً آخر لقيام سوق تنافسية وغير تمييزية وشفافة تحسّن أمن الإمدادات». وأملت في أن «ينتقل لبنان تدريجاً من الشح في الطاقة إلى الاستقلال فيها». وأعلنت إيخورست، أن الاتحاد الأوروبي من «وجهة نظر استراتيجية وخاصة بالمستهلك، يسعى إلى إمدادات طاقة آمنة من مصادر مستدامة وبأسعار تنافسية». وتطرّقت إلى مشروع «السوق الأوروبية العربية المشرقية للغاز» المموّل من الاتحاد الأوروبي، الذي أسفت لتعليق العمل به «إذ كان ذلك ضرورياً بسبب الأحداث في سورية»، لافتة إلى أن المشروع كان «بدأ دعم تطوير سوق غاز متكاملة بين لبنان ومصر والأردن وسورية، مع هدف واضح يقضي بإيجاد سوق غاز إقليمية والانتقال تدريجاً إلى التكامل مع سوق الغاز للاتحاد الأوروبي». وعرض ممثل وزير التجارة والصناعة والسياحة القبرصي نيوكيليس سيليكيوتيس، مدير مصلحة الطاقة القبرصية سولون كاسينيس، فرص الاستثمار في قطاع النفط والغاز في قبرص، والأرضية القانونية التي وضعتها الحكومة القبرصية والمستجدات المتعلقة بتلزيم عمليات الاستكشاف التي انطلقت في قبرص، بما في ذلك المخططات المستقبلية لمتابعة عمليات الاستكشاف. وأكد كاسينيس، أن قبرص «ستكون قادرة على تزويد الاتحاد الأوروبي بالغاز الطبيعي»، مشيراً إلى «اتفاقات ثنائية بين لبنان وقبرص، وهي في مراحل المصادقة بين الحكومتين». وشدد على «إيلاء الجوانب المتعلقة بالسلامة والبيئة أهمية كبيرة في تطوير الاحتياطات المتوقعة». ورأى ممثل وزير الطاقة والمياه اللبناني سيزار أبو خليل، أن أهمية هذا المؤتمر «تكمن في تزامنه مع تعيين الهيئة الناظمة لقطاع البترول في لبنان، فضلاً عن أن استكشاف الغاز الطبيعي في لبنان يأتي في وقت يُتوقع ارتفاع الطلب على موارد الطاقة بنسبة 50 في المئة بحلول عام 2030». وأكد اتخاذ القرار منذ البداية ب «اعتماد الأساليب الصحيحة والاستفادة من تجارب البلدان التي سبقتنا معتمدين في ذلك على مبادئ أساسية، منها التعاون بين القطاعين العام والخاص، والعمل على إيجاد البيئة التشريعية والمالية الملائمة الثابتة غير المتأثرة بالتقلبات السياسية والاقتصادية، وأخيراً الأخذ في الاعتبار المعايير المحافظة على البيئة وتحقيق التنمية المستدامة». وأعلن وزير المال اللبناني محمد الصفدي، «إحالة التعديلات الضريبية الملائمة للنشاطات البترولية المنوي تنفيذها في المياه البحرية والمنطقة الاقتصادية التابعة لها على مجلس الوزراء». واعتبر أن لبنان «بات فعلاً لا قولاً واحداً من الدول المالكة للطاقة في شرق المتوسط». وأكد أن رؤية وزارة المال ترمي إلى «منح الحوافز للشركات العالمية المؤهلة للقيام بالاستكشاف والتنقيب عن البترول، بهدف جذبها إلى الاستثمار في القطاع البترولي». وأوضح الصفدي، أن الوزارة «تبنّت قواعد ترتكز على الشفافية والوضوح في شكل غير قابل للتأويل، وتشكل ضمانة للدولة ولأصحاب الحقوق». كما اعتمدت «سياسة ضريبية خاصة بهذا القطاع الضخم تراعي خصوصيته»، إذ لفت أيضاً إلى «تحضير اقتراحات للتعديلات الضريبية اللازمة، منها منح بعض الإعفاءات الضريبية والرسوم الجمركية على المعدات والآلات المخصصة للنشاطات البترولية خارج الأراضي والمياه الإقليمية اللبنانية، وإعفاء رخصة البترول من رسم الطابع المالي، فضلاً عن تعديلات على قوانين ضريبية لا سيما قانون ضريبة الدخل، ما يجعل هذه القوانين أكثر ملاءمة للنشاطات البترولية المنوي تنفيذها في المياه البحرية والمنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لها».