في اليوم الرابع للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تكتمت «الهيئة الوزارية التساعية» عن مداولاتها التي تمت في ساعة متقدمة من مساء الجمعة، وأصدرت هيئة الرقابة العسكرية أوامر لوسائل الإعلام بإخضاع نشرها لرقابتها، فيما تباينت اجتهادات المعلقين العسكريين في شأن احتمالات إطلاق عملية برية واسعة في القطاع أشّرَ إليها بقوة استدعاء عشرات آلاف جنود الاحتياط ودعوات من وزراء بارزين من حزب «ليكود» الحاكم لإرجاء الانتخابات العامة المقررة في 22 كانون الثاني (يناير) المقبل بداعي أن الحرب قد تستمر أياماً وأسابيع وتحول دون إجراء انتخابات داخلية في الأحزاب حتى السادس من الشهر المقبل، الموعد الأخير لتقديم اللوائح الانتخابية. وكرر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان أمس، الأهدافَ التي حددتها إسرائيل من حربها الحالية، وهي «تحقيق الهدوء لجنوب إسرائيل، وإعادة تأهيل هيبة الردع، وتدمير مخزون الصواريخ بعيدة المدى التي في حوزة الجهات الإرهابية في القطاع». وتابع أن «السبيل الوحيد للحياة هنا بهدوء وأمن هو خلق ردع حقيقي من خلال رد حاسم يتسبب في ألا يحاول الفلسطينيون أن يجربونا مرة أخرى». واضاف ان إسرائيل ليست في حرب شاملة «إنما تقوم بعملية محددة الأهداف». ورداً على سؤال عن احتمال شن هجوم بري، قال: «مستعدون لعملية برية واسعة إذا اقتضت الحاجة»، مضيفاً أنه في حال دخل الجيش عملية برية، فلن يكون ممكناً وقفها في منتصف الطريق إنما الذهاب حتى النهاية، و «هذا ما لم يحصل في عملية الرصاص المصبوب، ولذا دفعنا الثمن الباهظ في الرأي العام الدولي ولم يتحقق الهدف». من جهة أخرى، حذرت زعيمة حركة «ميرتس» اليساري، الحزب الصهيوني الواحد الذي يعارض العدوان، زهافه غالؤون، من عملية برية واسعة، وقالت إن «القيادة تحاول جرنا إلى حرب أخرى تضليلية تزهق الأرواح عبثاً». وأضافت أن التجارب أثبتت أن «عملية برية هي وصفة مضمونة لتورط دموي». وترافق العملية العسكرية المسماة «عامود دخان» حملة ديبلوماسية نقلت إسرائيل من خلالها رسائل إلى دول العالم بأنها تستعد لتوسيع جدي لحربها يشمل عملية برية واسعة في قلب القطاع، في وقت شككت فيه أوساط سياسية وإعلامية بأن يتواصل «التفهم الأميركي والأوروبي» لما تسميه إسرائيل حقها في الدفاع عن نفسها. واقتبست وسائل إعلام إسرائيلية عن صحيفة «نيويورك تايمز الأميركية»، أنه على رغم الدعم الأميركي العلني من الرئيس باراك اوباما لإسرائيل، إلا أن مسؤولين في الإدارة الأميركية يحضون نظراءهم الإسرائيليين على عدم توسيع رقعة المواجهة، وأن واشنطن تخشى من أن تصعيداً إضافياً سيصب في مصلحة «حماس»، ما من شأنه المس بعلاقات إسرائيل مع كل من مصر والأردن. كما كثفت إسرائيل حملتها الإعلامية الدولية التي حاولت فيها تبرير عدوانها من خلال نشر صور لطفلة أصيبت في بلدة في الجنوب، والادعاء بأن «حماس» تصيب الأطفال الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء، بداعي أن ناشطيها يتسترون وراء أطفال غزة. وتؤكد الحملة أن مواطني إسرائيل يؤيدون العملية العسكرية، وان «صمودهم يشكل مركّباً مهماً في مناعتنا الوطنية». إلى ذلك، قضت مئات العائلات الإسرائيلية التي فرّت من جنوب إسرائيل نهاية الأسبوع في منتجعات الشمال بحثاً عن أمنها. وقالت إحدى السيدات الفارّات أن «قضاء نهاية الأسبوع في الشمال ليس نزهة أبداً، إنما هو هروب». ونشر الجيش بطارية خامسة من منظومة القبة الحديد في منطقة تل أبيب (غوش دان) وذلك قبل شهرين من الموعد المقرر لنصبها. وقال الجيش إن المنظومة تعتبر أحدث من سابقاتها إذ تشمل منظومة رادار متطورة تحمي مدى أكبر من البلدات وبرنامجاً لإدارة اعتراض الصواريخ. وظهر أمس ترؤس وزير الدفاع ايهود باراك جلسة مشاورات مع رئيس هيئة أركان الجيش الجنرال بيني غانتس وأعضاء هيئة الأركان وقادة سائر الأذرع الأمنية، وذلك بعد ساعة من إصدار غانتس أوامره للجيش بتكثيف الهجمات الجوية على القطاع. وكان باراك هاتَفَ الليلة قبل الماضية زميله الأميركي ليئون بينتو ليبلغه أن «إسرائيل عاقدة العزم على تحقيق أهداف العملية». في هذه الاثناء، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر مصرية تحدثت إليها، قولها إن جهود الوساطة المصرية تتواصل للتوصل إلى اتفاق مع «حماس» على وقف للنار «يدخل حيز التنفيذ خلال 24-48 ساعة، ربما في مقابل موافقة مصر على إزالة بعض القيود المفروضة على إدخال بضائع لغزة عبر معبر رفح».