أدرجت إسرائيل مقتل ثلاثة من مواطنيها في انفجار صاروخ «غراد» أطلق من قطاع غزة وأصاب بيتاً في بلدة «كريات ملاخي»، إضافة إلى القصف الكثيف الذي تعرضت له أمس بلداتها في الجنوب، ضمن «توقعاتها» والسيناريوات التي وضعتها قبل أن تُقدم على اغتيال نائب قائد «كتائب القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس» أحمد الجعبري. واستدعى مقتل الثلاثة رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو إلى ترؤس جلسة مشاورات مع أركان حكومته وقادة المؤسسة الأمنية ليصرح بأن الجيش مستعد لتوسيع جدي جداً لنطاق العملية، فيما أطلق وزير الدفاع إيهود باراك تهديدات بأن إسرائيل ستقوم «بكل ما يلزم» لتستعيد قدراتها الردعية والهدوء إلى الجنوب. ولم تستبعد مصادر سياسية وعسكرية أن يتطور التصعيد على الحدود بين إسرائيل والقطاع حرباً شاملة أكد مسؤولون إسرائيليون في الأشهر الأخيرة أن الجيش استعد لها. وواصل أركان الدولة العبرية إطلاق تهديداتهم لقادة «حماس» بأن يد الجيش ستطاولهم وأنهم جميعاً مستهدفون. وقال باراك أمس إن «إسرائيل اليوم في أوج معركة ليست سهلة، وليس أكيداً أن تكون قصيرة، وستكون فيها لحظات مهمة لنا، ولحظات أخرى موجعة لنا، لكننا عاقدون العزم على استعادة قدرة الردع إلى وضعها السابق وأن نعيد الهدوء وسنقوم بكل ما يلزم، وأكرر كل ما يلزم، من أجل بلوغ هذه النتيجة». وأضاف: «تمت تصفية الجعبري فيما منظومة صواريخ الفجر القادرة على بلوغ تل أبيب تم شلّها كلها تقريباً، وبتقديرنا تضررت قدراتهم في شكل مكثف، وهذه فقط البداية». ووضع التصعيد أكثر من مليون إسرائيلي في حال طوارئ وطُلب منهم متابعة تعليمات «الجبهة الداخلية» في الجيش (الدفاع المدني)، فيما سجلت حركة نزوح من مناطق الجنوب باتجاه الشمال. وأصدرت قيادة الجيش أوامر استدعاء لألوية في الاحتياط تحسباً لاحتمال توغل بري في القطاع. وتحركت ألوية نظامية من المظليين والمشاة التي أجرت تدريبات مكثفة في الأشهر الأخيرة، وفق الناطق بلسان الجيش، استعداداً لعملية برية. ووزعت الطائرات الحربية الإسرائيلية منشورات على القطاع تحض سكانه على الابتعاد عن مواقع الناشطين وقادة المنظمات الفلسطينية. ووفق بيان الجيش، فإن المنشورات «تؤكد أن حماس تجر المنطقة إلى العنف، وأن جيش الدفاع الإسرائيلي مستعد للدفاع عن سكان دولة إسرائيل إلى حين استعادة الهدوء في المنطقة». وأعلن الجيش أن نظام القبة الحديد لاعتراض الصواريخ أسقط عشرات الصواريخ من نحو 130 صاروخاً فلسطينياً أطلقت حتى ظهر أمس. وقال القائد العام للشرطة يوحنان دنينو إن الوضع الحالي في الجنوب سيتواصل في الأيام القريبة، «وسيرتفع عدد الهجمات الصاروخية، ولدينا منظومات إنذار متطورة جداً، تشمل القبة الحديد، كما لدينا منظومات الحماية الملائمة، وفقط شيء واحد مطلوب من المواطنين هو الانضباط وتنفيذ التعليمات». وإلى جانب العدوان العسكري، تحركت إسرائيل على الصعيد الديبلوماسي، فأجرى قادتها اتصالات مع زعماء في العالم «لشرح مبررات الحكومة والمؤسسة العسكرية وإلى الآن، وكما كان في بدايات كل الحروب التي شنتها إسرائيل، ما زالت العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم «عمود سحاب» محط تهليل الإسرائيليين، معتبرين نجاح الجيش في تدمير نحو مئة منصة إطلاق صواريخ متوسطة وبعيدة المدى وعشرات صواريخ «الفجر» بأنها «إنجاز لا يقل عن أهمية اغتيال الجعبري». وتأكيداً لمقولة «عندما تدوي المدافع تصمت الأقلام»، تحظى العملية العسكرية بإجماع الأحزاب السياسية الصهيونية في إسرائيل، باستثناء حزب «ميرتس» اليساري المحدود النفوذ. وحصد نتانياهو وباراك المدائح من قادة الأحزاب ومن المعلقين العسكريين على نجاح العملية في ساعاتها الأولى، متوقعين أن يستثمره الرجلان في المعركة الانتخابية. لكن كبير المعلقين في «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع رأى أن «العملية العسكرية تنطوي على ربح فوري ومجازفة لاحقاً»، الربح المتمثل في ضرب معنويات حماس وثقة قادتها بأنفسهم، والمجازفة في حجم رد الفعل من حماس وفي رد الفعل المصري واحتمال أن يثور الشارع العربي في العالم ضد إسرائيل. وكتب أن «اغتيال الجعبري كان مشروعاً بحكم الظروف وناجعاً عملياتياً»، لكنه أعرب عن أمله في «ألا يكون عندنا سبب لنندم على فرحتنا باغتياله». وكتب المعلق العسكري لموقع «يديعوت أحرونوت» رون بن يشاي أن «إسرائيل بدأت حرب استنزاف بعد أن استنفدت عنصر المفاجأة»، متوقعاً أن يواصل الجيش الإسرائيلي ضرب البنى التحتية العسكرية للحركة لتحجيم قدرات الرد الصاروخي للفلسطينيين. لكنه أشار إلى أن المنظمات الفلسطينية في القطاع استفادت من الحرب السابقة على القطاع ومن الحرب الأخيرة على لبنان وطبّقتها مثل إقامة مركز رقابة وسيطرة إلكترونية من الصعب على إسرائيل تشويشها، ما يفسر نجاحها في إطلاق صواريخ بعيدة المدى على إسرائيل. وتابع أن نجاح العملية في نهاية الأمر «سيتقرر ليس بناء للإنجازات العسكرية في الميدان فقط إنما أيضاً بانعكاساتها الاستراتيجية والسياسية». وزاد أن الهدف الرئيس الذي حددته إسرائيل «متواضع» يتمثل في التوصل إلى تهدئة طويلة الأمد ليس فقط في إطلاق الصواريخ «إنما أيضاً في نشاط المخربين ضد الجيش على طول السياج الأمني حول القطاع، إضافة إلى التزام جميع المنظمات الفلسطينية الناشطة في القطاع، التهدئة وأن تكفل ذلك مصر»، مضيفاً أنه في حال رفضت «حماس» هذه الشروط، فمن المتوقع أن يقوم الجيش بتوغل بري واسع.