تعقد «الحركة الإسلامية» في السودان مؤتمراً عاماً غداً ينتظر أن يحسم أسئلة تحدد مستقبلها وعلاقتها بالحكومة و «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم، وسط خلافات في شأن صيغة استمرارها واختيار زعيم جديد لها، خلفاً لأمينها العام الحالي نائب الرئيس علي عثمان طه الذي انتهت دورته. وينتظر أن يشارك في المؤتمر 170 من رموز وقيادات الحركات الإسلامية في المنطقة، خصوصاً من القوى الإسلامية التي وصلت الى الحكم في دول «الربيع العربي» وقيادات من التنظيم الدولي ل «الاخوان المسلمين»، إلى جانب عضوية المؤتمر وعددها نحو أربعة آلاف يمثلون ولايات السودان في تظاهرة سياسية وإعلامية كبرى. ويأتي المؤتمر في ظل حوار ساخن واستقطاب حاد في صفوف الإسلاميين الذين يسيطرون على السلطة منذ نحو 23 عاماً في شأن اختيار زعيم جديد للحركة، ويبرز تياران الأول يدعو إلى تذويب الحركة في الحزب الحاكم وآخر يدعو إلى استمرارها كياناً مستقلاً، إذ يخشى الأول من نزاع بين الحركة وقيادة الدولة كما حدث بين الرئيس عمر البشير وزعيم الحزب الحاكم السابق حسن الترابي الذي انشق عن حلفائه وأنشأ حزباً معارضاً عقب اقصائه من زعامة الحزب الحاكم ورئاسة البرلمان. ويتبنى تيار بين الإسلاميين اختيار شخصية ذات رمزية فكرية وصفات قيادية وبعد خارجي وصلات مع الإسلاميين في المنطقة لزعامة الحركة الاسلامية، بينما يرى تيار آخر انتخاب شخصية هادئة وذات رمزية محدودة وليست موضع خلاف لطمأنة قادة الحكم وتجنب أي نزاع بين المرجعية الإسلامية وقيادة الدولة. وبرز تيار جديد يعتقد بأن من الصعب اتفاق الإسلاميين على شخصية تجمع بين الرمزية الفكرية والقيادة الهادئة للحركة وان السبيل لتجنب الخلافات هو التفكير في تعديل اللوائح الداخلية وتمديد استمرار علي عثمان طه لحفظ التوازن الداخلي بين الإسلاميين والسلطة، أي بين الإسلاميين المدنيين والقيادات العسكرية التي تمسك بزمام الحكم وعلى رأسها البشير. ورأى رئيس مجلس شورى «الحركة الاسلامية» السابق الطيب زين العابدين أن هذا الجهد والإنفاق المالي والحراك الواسع من أجل اجتماع «كيان غير شرعي» سببه أن «السلطة القابضة على مقاليد الأمور شعرت بتململ واسع واحتجاجات متصاعدة في أوساط عضويتها الإسلامية ضد سياساتها الفاشلة من انفصال الجنوب واستمرار الحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق والإنفلات الأمني في دارفور والضائقة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن وانتشار الفساد بدرجة غير مسبوقة في تاريخ السودان وعجز الحكومة عن حماية مصانعها العسكرية من العدوان الخارجي وانهيار بعض مؤسسات الدولة». وأشار إلى أن الإسلاميين «يشعرون بغياب الشورى وضعف المؤسسية وانعدام التنسيق بين أجهزة الدولة وكبت الحريات وسيطرة قلة من السياسيين على مقاليد الأمور لسنوات طويلة، ولا إجابة حقيقية لدى الحكومة على تساؤلات الشباب المحتج ضد تلك الأمور كلها»، معتبراً أن عقد المؤتمر هدفه «الإلهاء بمهرجان زائف للحركة الإسلامية تدعى إليه حركات إسلامية وشخصيات قيادية من أنحاء العالم حتى يظن بعضهم أن الحركة الإسلامية السودانية ما زالت حية وفاعلة ونموذجاً يحتذى». وأضاف زين العابدين الذي ظل ينتقد السلطة حتى أوقفته عن الكتابة في الصحف السودانية أن «السلطة المتنفذة يمكن ان تنجح في فرض إرادتها على عضوية الحركة الإسلامية المتململة باختيار من تريده للمواقع المختلفة، لكنها ستقضي بذلك على ما تبقى في الحركة الإسلامية من حيوية وطهارة وحينها لن تجد عناصر الحركة الإسلامية الصلبة عندما تحتاج إليها في المواقف الصعبة وستندم». من جانبه، شدد مستشار الرئيس السابق غازي صلاح الدين أحد المرشحين لزعامة «الحركة الاسلامية» على «ضرورة استقلال الحركة»، محذراً من أن أي صيغة علاقة تكرس تبعيتها للحكومة وتجعلها مجرد رديف لها في وظائفها «ستكون خاسرة لكليهما». ودعا في مقال نشرته صحف قريبة من السلطة أمس إلى تحديد علاقة «الحركة الإسلامية» بالسلطة، لكنه طالب بأن تكون «مستقلة وفاعلة ومناصرة للحكومة». وكان الأمين العام لحزب «المؤتمر الشعبي» حسن الترابي أكد أن «الحركة الإسلامية ليست سوى منظمة تابعة للحزب الحاكم». وقال إن المنتمين إليها «تجمعهم القبلية والسلطة ليس إلا». وأضاف أن يعتزم الاجتماع إلى قيادات إسلامية من خارج البلاد اثناء حضورها مؤتمر الحركة ولم يستبعد ان تمنع السلطات هذه الاجتماعات، لكنه بدا واثقاً من امكانية لقائهم «لتوضيح الصورة وإبلاغهم بأن المؤتمر الشعبي آثر الابتعاد عن تلك الوجوه حتى لا يلوث صورة الإسلام». وأعلن تمسك حزبه بالمشروع الاسلامي رغم تحالفه مع قوى تنادي بإقامة دولة علمانية في السودان. وأضاف انه نجح في اقناع المعارضة «بتكريس الفترة الانتقالية للحريات الديموقراطية في البلاد والانتخابات وبعدها يتم عقد مؤتمر لصوغ دستور دائم للبلاد».