خيم القلق على المواقف السياسية في لبنان نتيجة التداعيات التي خلفها ذبح تنظيم «داعش» الجندي اللبناني المخطوف في جرود عرسال عباس مدلج، وترجمت حالات فوضى وخطف على خلفية مذهبية وتنكيل بعمال سوريين وآخرين نازحين، بل إن المواقف الصادرة، وإن أجمعت على رفض الفتنة، فإنها بقيت على تباينها في كيفية مقاربة ملف العسكريين المخطوفين. ودعا وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج بعد زيارته مفتي الجمهورية المنتخب الشيخ عبد اللطيف دريان إلى «ترك خلية الأزمة المشكلة في مجلس الوزراء حرية العمل للقيام بما تراه مناسباً للخلاص، وقبل كل شيء لأمان أولادنا العسكريين الموجودون في جرد عرسال، لا نستطيع أن نأخذ هذه العملية من أجل أن نعمل مزايدات انتخابية أو سياسية».وعبر عن تفهمه لغضب أهالي العسكريين ونزولهم إلى الشارع، لكنه دعا إلى «عدم تحميل أهالي عرسال ما لا يستطيعون، هم الذين تحملوا منذ زمن ثقل النزوح السوري». وعبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية عاصم عراجي عن قلقه تجاه «الوضع في البقاع»، قائلاً لإذاعة «الشرق»: «هناك احتقان في المنطقة، ونتخوف من ردود الفعل، على الحكومة تخليص العسكريين المخطوفين، ومن واجبنا كسياسيين أن نقف صفاً واحداً لتخليصهم». وفضل أن «تبقى المفاوضات في هذا الملف سرية». ودعا إلى «تسريع محاكمات الإسلاميين في سجن رومية، لأن ملف سجن روميه بات عبئاً على الدولة». وشدد حزب «الكتائب اللبنانية» بعد اجتماع المكتب السياسي برئاسة الرئيس أمين الجميّل على ضرورة «عدم الوقوع في أفخاخ الجماعات التكفيرية ومراميها، وحرف المسار من مواجهة الإرهاب كعدو مشترك، إلى نزاعات جانبية سواء مع الدولة أم بين الطوائف والمناطق، ووقف المزايدات وتقدير الضغط الكبير الذي تعانيه الحكومة في معرض معالجتها قضية العسكريين، والتي تقع عليها مسؤولية وطنية بالحفاظ على أرواحهم، وعدم إهدار دم الدولة بالخضوع لشروط الخاطفين». وطالب «بتوفير المناخ الداخلي المناسب لتمكين الجهات الدولية والإقليمية وفي مقدمها دولة قطر الشقيقة، من إتمام مهمتها وبلوغ المرتجى بالإفراج عن العسكريين». وفي المقابل، رأى عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النيابية الوليد سكرية في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان» أن «الرضوخ لمطالب الإرهابيين أمر معيب»، مشيراً إلى أن «الدولة تتعاطى اليوم مع ملف العسكريين من موقع الضعيف وتسمح للإرهاب بأن يتحكم بأرضها»، مستغرباً «تفويض قطر التفاوض مع الإرهابيين وهي الممول الأول لهم». وطالب ب«قطع التمويل الداخلي والخارجي عن الإرهابيين في عرسال»، ودعا «الدولة إلى توقيف كل من حمل السلاح ضد الجيش اللبناني أخيراً». وأكد عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية هاني قبيسي أن «الصبر هو المطلوب اليوم وسنكون مع الجيش وخلفه لأنه خشبة الخلاص»، فيما اعتبر نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق أن «خطف جنود الجيش اللبناني خطف لكل الكرامة، وإن إطلاقهم يمر إلزاماً بإطلاق يد الجيش، وما دامت يد الجيش مكبلة بالضغوط السياسية فكيف يمكن للجيش أن يضغط على الخاطفين أو أن يتحرك عسكرياً لإنقاذ العسكريين»، معتبراً أنه «بمعادلة المقاومة والجيش والشعب، لبنان أقوى وأعز من أن يكون رهينة بيد الدواعش، وإذا كان ذبح الجنود يراد منه إشعال فتيل الفتنة المذهبية، فنحن أقوى وأذكى وأشد حرصاً على الوحدة الوطنية».