أثار بث شريط مصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي ليل أول من أمس، عن مقتل عسكري على يد مسلحين سوريين، حالاً من الغضب العارم أمس بين أهالي العسكريين اللبنانيين المخطوفين من قبل مسلحي «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» في جرود عرسال، على رغم التشكيك الأمني الرسمي بهذه الصور لعدم التأكد من صحتها. وخرج أهالي العسكريين في شمال لبنان الى الشوارع مع شروق الشمس للتعبير عن غضبهم وتوجيه اللوم إلى الحكومة وقيادة الجيش على «عدم القيام بما يلزم لاستعادة العسكريين المخطوفين منذ شهر». ورجحت معلومات «ألا تكون الصورة المبثوثة لعسكري لبناني، بل لشخص سوري أعدمه «داعش»، ويحاول الخاطفون اللعب بأعصاب الناس مثلما حصل سابقاً مع مجموعة أعزاز». وعلى رغم التشكيك بصحة الصور، فإن بثها وتناقلها هزا الرأي العام اللبناني. ووصفت مصادر «هيئة العلماء المسلمين» التي أوقفت وساطتها مع الخاطفين الأسبوع الماضي، الشريطَ بأنه «محيِّر»، ورأت أنه «إذا كان صحيحاً فهذا يثبت أن البيئة السنية في لبنان ليست بيئة حاضنة للإرهابيين، علماً بأننا لا نتبع هذا المنطق في خطابنا، لكن الأمر كان من ضمن الحملة التي شنت علينا». وسألت عما حصل في عرسال أول من أمس، وما «الذي خربه الاشتباك مع المسلحين»، واصفة ما يحصل بأنه «سباق بين التوتير والتهدئة». وقال المحامي نبيل الحلبي الذي كان في عداد الوفد الذي كان توجه الى عرسال بعد اندلاع الاشتباكات الأولى بين الجيش اللبناني والإرهابيين السوريين، واستُهدفت السيارة التي أقلته بقذيفة، أنه «إذا صح الشريط المصور فيجب أن تتوقف المفاوضات مع الخاطفين، لأنه إذا مُس أي جندي من الجيش اللبناني بسوء فلا جدوى من التفاوض». واعتبر في حديث إلى «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أن «صمت الحكومة اللبنانية حيال الشريط أفضل كي نصل إلى الهدف المنشود، وهناك مساع جارية». وكان والد الرقيب علي أحمد السيد علي (من فنيدق- عكار)، اعتبر أن الصور المنشورة تعود لولده، وقال في تصريح تلفزيوني إن «هيئة العلماء المسلمين هي من أكدت لنا أن الصور صحيحة»، وسأل الحكومة: «لماذا لا تقوم بشيء لاسترداده وكل الجنود، مضى شهر على الموضوع ولم يكلف أحد خاطره بالاتصال بنا، عتبنا على الحكومة وقيادة الجيش، ويكفي». وكانت والدة السيد علي المفجوعة طالبت ب «التفاوض مع الخاطفين، وليعتبروا أن أولادهم مع أولادنا، ماذا ينتظرون؟»، وكالت دعواتها على المسلحين الخاطفين وسألت: «لماذا سكتوا عليهم؟ ماذا ينتظرون؟ هل حتى يُذبحوا جميعاً واحداً بعد واحد؟». وللسيد طفلة ووزوجته حامل في شهرها الرابع. وكان أهالي بلدة تكريت - عكار قطعوا في السادسة صباحاً، طريق الجومة العام تضامناً مع مخطوفي الجيش اللبناني، وبينهم الجندي أحمد غية من أبناء البلدة بمشاركة أهل الجندي، وشاركت فاعليات روحية واختيارية وتربوية من البلدة، في التحرك بناء لدعوة إمام المسجد جهاد العبد الله. واعتبر وليد غية باسم الأهالي أنه «لا يجوز بكل الأعراف والقيم أن تصبح قضية أسرانا معلقة بين التجاذبات والفرضيات والتجاذبات الإقليمية». ووجه رسالة إلى الخاطفين قائلاً: «عكار أول من احتضنت أهلكم، وهي أول من عملت على إطعامهم وإيوائهم حتى الآن وتأمين أمنهم، ولن نتخلى عنهم، لأن عكار هي عكار الشهامة والنخوة كما كل لبنان، فلا يجوز أن يرد هذا الجميل لنا بخطف أبنائنا». وحيّا الجيش اللبناني، مؤكداً «الوقوف إلى جانبه». ودعا الشيخ العبدالله السياسيين إلى «عدم المتاجرة بقضية الأسرى مهما كلف الأمر». وسأل والد الجندي عبود غية «أحد السياسيين الذي تحدث على إحدى الشاشات عن أن لا تفاوض مع الخاطفين: «أين ولدك أنت؟ أولادنا في المغاور ولا نعلم عن مصيرهم وأحوالهم شيئاً». وقطع أهالي بلدة مشحة الطريق عند مفترق البلدة، وتوجهوا إلى سراي حلبا حيث كانت كلمة لرئيس دائرة أوقاف عكار الشيخ مالك جديدة (رئيس «هيئة العلماء المسلمين») الذي دعا «الدولة والمسؤولين إلى العمل على إطلاق المخطوفين في أقرب وقت». ونبه الشيخ جديدة إلى «أن الوقت ليس في مصلحتنا، ونبارك كل جهد يحقن الدماء وينهي هذا الملف ويحقق الإفراج عن المخطوفين». وأشار إلى أن «هيئة العلماء لا تستحي بما قامت به وأدى إلى الإفراج عن بعض المخطوفين وحقن الدماء، بل تعتز بأنها قامت بالواجب الشرعي والأخلاقي والوطني»، وطالب الخاطفين ب «عدم التعرض لحياة العسكريين، لأن هذا سيؤدي إلى عواقب وخيمة ويعرض العلاقة بين الشعب اللبناني وضيوفه من الإخوة السوريين لأضرار كبيرة لا يفرح بها إلا شياطين الإنس والجن». وطالب المعتصمون «هيئة العلماء المسلمين» بأن يكون لها «دور أكبر لتحرير العسكريين»، وأقفلوا باب سراي حلبا احتجاجاً. وتواصل قطع الطرق في عكار من مكان إلى آخر بصورة رمزية عند كل مفترق لنحو خمس دقائق، ومنها عند مفترقات كوشا والشيخ محمد ومنيارة. وقطع طريق جرد عكار عند بلدة بزال بالإطارات المشتعلة، وناشد المعتصمون وأهالي المخطوفين المسؤولين إنقاذ أبنائهم. وزار أمس وفد من الحزب «التقدمي الاشتراكي» برئاسة وكيل داخلية إقليم الخروب سليم السيد عائلة الجندي المخطوف وائل سعيد درويش في شحيم، ناقلاً إليها تحيات النائب وليد جنبلاط، آملاً بأن يتم الإفراج قريباً عن جميع العسكريين. ويعيل الجندي درويش والده المقعد، إلى جانب والدته وشقيقه الأصغر عيسى. عرسال وفي عرسال، شددت وحدات الجيش إجراءاتها الميدانية في المنطقة ومحيطها، غداة تعرض آلية تابعة لها لكمين نصبه مسلحون في الرهوة. وأعلنت قيادة الجيش- مديرية التوجيه في بيان، «ان حاجز مستوصف عرسال التابع للجيش، أوقف عند الثامنة والنصف من ليل (أول من) أمس، سيارة «بيك آب» نوع «هيونداي» يقودها اللبناني خالد محمد ديب كرنبي من دون أوراق قانونية، وضبطت بحوزته مسدساً حربياً مع الذخائر العائدة له، كما أوقفت برفقته المدعوين محمد عبد الساتر عكعوك وعبد الله محمد عكعوك من التابعية السورية، للاشتباه بمشاركتهما في القتال ضد الجيش في منطقة عرسال. وسلم الموقوفون مع المضبوطات إلى المرجع المختص لإجراء اللازم». وأشارت معلومات إلى أن السوريَين كانا من مرافقي الموقوف عماد جمعة، وأن كرمبي مطلوب بقضايا إرهابية. الى ذلك، وقع إشكال فردي بين عدد من العمال السوريين، تطور إلى تضارب وتدافع بالأيدي قرب مستشفى تل شيحا في زحلة، وتوجهت دورية من مخابرات الجيش إلى المكان المذكور وأوقفتهم. وتعليقاً على التطورات الأمنية في عرسال، رأى النائب محمد كبارة في تصريح أن «الاشتباكات المتجددة في جرود عرسال تكشف الحاجة الملحة إلى ضبط الحدود اللبنانية- السورية الشرعية، وإقفال المعابر البرية غير الشرعية بحزم ودقة، كي نتمكن من وقف ارتدادات الصراع في سورية على بلدنا». وأشار الى «أن هذه المهمة بحاجة إلى قرار سياسي جامع من الحكومة اللبنانية كي تتولى القوى العسكرية والأمنية تنفيذه». ودعا «حزب السلاح الداعي إلى تحالف وطني ضد الإرهاب الذي يدعي أنه يستهدفه، إلى أن يوافق في الحكومة على قرار ضبط الحدود وإقفال المعابر غير الشرعية أولاً، بدلاً من التآمر على الجيش والقوى الأمنية واستنزافهما في معركة الجرح المفتوح، بل في معارك الجراح المفتوحة، على الحدود السائبة».