«هل يُنْكِرُ النَّوْمَ جَفْنٌ لو أتيحَ لهُ... إلاَّ أنا ونجُومُ اللَّيلِ والقَمَرُ»، وأنا هنا تعود للشاعر حافظ إبراهيم وهو يشكو عذابات السهر، في زمن كان فيه السهر خارجاً عن جداول البشر وأجنداتهم؛ إلا قليلاً منهم... فهل كان الشاعر المصري الشهير قال ما قال لو عاش في بداية ألفية ثالثة؟ حيث الضجيج لا يدع للهدوء خانة، وحيث الكهرباء تعوض شمساً كان غروبها يدفن الناس في أسرتها منذ فجر العقل. لم يبق لليل أثره، وقد باتَ معاشَ الناس لا محيطَ سكينتهم، بات أثره يشبه «نظارة شمسية» لا أكثر، فالحياة مستمرة؛ بل ربما «تحلو أكثر» عندما يجن الظلام المقيد بكثافة الأنوار. «لا يسهر الليل إلا من به ألمُ».. لم يعد البيت الشعري مجسداً لواقع قبيلة «السهارى» في عصرنا الحالي، فبعد أن ارتبط السهر ومكابدته بالعشاق والمرضى، بات الآن عادة و«نوعاً من المتعة» تلازم شرائح ليست هينة من المجتمع، لتصبح سلوكاً امتد إلى الأطفال. وفي المقابل، لا يحظى كثيرون بنعمة النوم ليلاً، على رغم أنه متطلب مهم لاستمرار حياته في شكل طبيعي، إذ تحرمه أحياناً ظروفه العملية أو حتى الصحية من النوم. لطالما كان الليل «رحماً» يحتضن «أجنة» إبداع السهارى كل ليلة، وشريكاً رئيسياً في «إنجاب» و«تربية» بنات أفكار المبدعين في مختلف بحور ومجالات العمل الفكرية والأدبية والعملية. إني لأستغشي وما بي نعسة... لعل خيالاً منها يلاقي خياليا