عزز الرئيس فلاديمير بوتين سيطرته على المؤسسة العسكرية الروسية، في اطار خطته لاستعادة «الزخم» الذي كانت عليه في العهد السوفياتي، وتحصين الصناعات العسكرية المحلية. وبعد ثلاثة أيام على إقالة وزير الدفاع اناتولي سيرديكوف وسط تسريبات عن ضلوعه ب «فضيحة فساد»، اصدر بوتين قراراً بتعيين الجنرال فاليري غيراسيموف القائد السابق للقوات الروسية في الشيشان رئيساً لهيئة الأركان ونائباً لوزير الدفاع سيرغي شويغو. واتخذ الرئيس قراره بتعيين غيراسيموف مكان الرئيس السابق للأركان نيكولاي ماراكوف، بناء على توصية وزير الدفاع الجديد شويغو، وهو من المقربين من سيد الكرملين، وكان وزيراً للحالات الطارئة قبل تعيينه في منصبه الجديد. وصرح شويغو بأن غيراسيموف «عسكري ملتزم تماماً»، وشدد على «خبرته الواسعة» في قيادة الاركان و «ساحة المعركة». وكان غيراسيموف (57 سنة) أحد قادة الجيش ال58 في منطقة شمال القوقاز خلال حرب الشيشان الثانية في مطلع القرن الواحد والعشرين، ثم تولى قيادة قوات منطقة الوسط العسكرية. وفور صدور قرار التعيين، أعطى بوتين تعليماته لرئيس الأركان الجديد، مشدداً على أن «إحدى مهماته الرئيسة ستكون إعادة تسليح الجيش والأسطول، لكن هناك مهام اخرى، مثل تحسين الهيكليات وإدارة القوات». ومنذ عودته إلى الكرملين في أيار (مايو) الماضي لولاية رئاسية ثالثة، بعدما تولى رئاسة الحكومة لأربع سنوات، حدد بوتين لإدارته هدف إعادة تسلح «تعتبر سابقة»، مع تخصيص أكثر من 550 ألف بليون يورو لصناعة الدفاع في السنين العشر المقبلة. وأضاف بوتين مخاطباً غيراسيموف: «آمل في أن تتمكن مع وزير الدفاع من تأسيس شراكة جيدة ومستقرة مع أبرز المؤسسات الصناعية في مجال الدفاع». وشهدت العلاقات بين المجمع العسكري الصناعي ووزارة الدفاع تدهوراً ملحوظاً تحت إدارة الوزير المقال سرديكوف، الذي تبنى مبدأً أُعلِن قبل سنوات يرتكز الى جيش اقل عديداً وأكثر احترافاً وتطوراً. وندد سرديكوف مرات بالمخصصات الكبيرة التي تستفيد منها المؤسسات الروسية، وانتقد إنتاجها الذي لم يعد مواكباً للعصر، ولم يتردد في شراء معدات من الخارج على غرار سفن «ميسترال» الحربية الفرنسية العام الماضي. واعتبر المحلل المستقل ألكسندر غولتس تصريحات بوتين «تلميحاً واضحاً إلى السبب الحقيقي لإقالة سرديكوف»، مشيراً الى «انتصار اللوبي العسكري الصناعي (الروسي) في هذه القضية». وشاطره الرأي بافل فلغنهاور، المتخصص في المجال العسكري بصحيفة «نوفويا غازيتا» المعارضة، وقال ان التعديلات «على كل المستويات» في وزارة الدفاع، ستضع «حداً للإصلاحات، وستشكل عودة إلى الجذور السوفياتية». وأضاف أن «الهدف الرئيس هو إعادة تسليح الجيش كما في عهد الاتحاد السوفياتي. البلاد كلها كانت تعمل لتلك الغاية. وهذه مسألة عزيزة على بوتين: انه يريد إحياء روسيا من خلال إعادة تسليح جيشها». وأقال بوتين سرديكوف الثلثاء، «للإفساح في المجال أمام تحقيقٍ موضوعي في عملية احتيال مفترضة لبيع أملاك عامة في مقابل عشرات ملايين اليورو من قبل شركة تابعة لوزارة الدفاع». ولم تستبعد لجنة التحقيق أن تستجوب سرديكوف.