حض مجلس المطارنة الموارنة في لبنان برئاسة البطريرك بشارة الراعي، في بيان صادر عن اجتماعهم الشهري في بكركي امس، جميع اللبنانيين على «التمسك بالوحدة الوطنية والمؤسسات الشرعية، وعدم الانجرار إلى قفزات في المجهول تضع البلاد أمام مصير غامض»، وبالتالي «ضبط النفس، والاعتصام بالحوار سبيلاً للخروج من هذا الجو الضاغط في البلاد بتأثير كبير من المحيط». وميز اجتماع المطارنة حضور رئيس المجلس الحبري لأعمال المحبة الكاردينال روبيرتو سارا موفداً من قبل البابا بينيديكتوس السادس عشر يرافقه السفير البابوي في لبنان غبريال كاتشيا. وتوقف المجلس أمام «التأزم السياسي في البلاد، وخصوصاً موضوع الحكومة»، معتبراً انه «لا يحل خارج الثوابت الوطنية والدستور الكفيلين بالحفاظ على طبيعة لبنان، بلد العيش الواحد ومعقل الحرية والديموقراطية والتداول السلمي في السلطة». وحضوا «المسؤولين المعنيين على التجاوب مع دعوة رئيس الجمهورية إلى الحوار والتشاور للعبور إلى واقع أفضل يمكّنهم من مواجهة الأزمات والتحديات الداخلية والإقليمية، والإعداد للاستحقاق الدستوري بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وبقانون جديد يضمن عدالة التمثيل لكل الفئات، على قاعدة المناصفة، وتعزيز العيش المشترك». وناشدوا السياسيين «الالتزام بإعلان بعبدا، وخصوصاً ما يتعلق منه بتحييد لبنان عن الصراعات التي لا طائل له فيها. فنصرة أي بلد شقيق أو قريب تكون بمقدار ما يحافظ اللبنانيون على كيان لبنان ومصالحه، وخصوصية نظامه السياسي، وإلا جروا عليهم ويلات هم في غنى عنها، وعرّضوا البلاد لانتكاسات يدفع ثمنها الشعب اللبناني موتاً وخراباً، فضلاً عن التعثرات في مسار الحكم». وأشار البيان إلى أن موفد البابا «شرح أهداف مهمته الخاصة كي يعبر عن تعاطف البابا والكنيسة الجامعة مع الشعب السوري وما يعانيه من الحرب والقتل والدمار والتهجير، ويجدد دعوته إلى جميع الفرقاء كي يبذلوا كل جهودهم لإيقاف الحرب، والعمل على إحلال السلام في هذا البلد المعذب، من خلال الحوار والحفاظ على العيش المشترك، وإيجاد حلول سلمية لمصلحة كل الشعب السوري بجميع فئاته ومكوناته». واستنكر المطارنة «عودة مسلسل الاغتيالات، وآخرها اغتيال الشهيدين اللواء وسام الحسن ومرافقه، وسقوط شهداء مدنيين وعشرات الجرحى في منطقة الأشرفية، المنطقة التي باتت بدورها شهيدة الوطن باستمرار». وناشدوا القضاء «العمل بسرعة على كشف المجرمين ومعاقبتهم، والدولة إلى الإسراع في منح التعويضات العادلة عن الأضرار الجسيمة التي وقعت وتحمل مسؤولياتها في توفير الأمن وحمايته». وتوقفوا عند «الأوضاع الاقتصادية والحياتية التي يعيشها المجتمع اللبناني، والتي تنبئ بمستقبل قاتم»، وشددوا على أنه «آن الآوان لمعالجات جذرية للمشكلات، بتمييز صريح بين الاقتصادي والحياتي وبين الجدل السياسي، والانكباب على وضع سياسات كفيلة بالإجابة على التحديات المطروحة». وعبّر المطارنة عن قلقهم تجاه ما يحصل في سورية، «حيث يتنامى العنف والتفجيرات، ويستنكرون استهداف الكنائس والمسيحيين ومقتل الخوري فادي حداد، ويسألون الله إحلال السلام في المنطقة كافة». وهنأ المطارنة البطريرك الراعي «على منحه رتبة الكاردينالية بلفتة كريمة من البابا تقديراً لشخص البطريرك، وتأكيداً لما للكنيسة المارونية من مكانة في قلب البابا، وفي هذا الزمن العصيب الذي تمر به المنطقة بأسرها، والتشديد على ما للحضور المسيحي في هذه المنطقة من أهمية في بناء السلام والحوار بين الأديان والثقافات». وهنأوا «الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الشقيقة بانتخاب الأنبا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية». موفد البابا يلتقي سليمان وكان سارا زار القصر الجمهوري يرافقه كاتشا، ونقل إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان «محبة البابا للبنان واللبنانيين»، مجدداً شكره «لحفاوة الاستقبال الذي خصه به اللبنانيون في زيارته الأخيرة وصلواته الدائمة للبنان وشعبه». ويرأس موفد البابا غداً اجتماعاً للمؤسسات الخيرية في الشرق الأوسط في مركز رابطة كاريتاس لبنان، للبحث، كما قال سارا، «في سبل مساعدة السوريين والاطلاع على أوضاعهم بعدما حال تفاقم الأحداث دون إيفاد بعثة بابوية كان ينوي البابا إرسالها إلى سورية لهذه الغاية».