دقت أجراس كنيسة بكركي (جبل لبنان) في الحادية عشرة إلا عشر دقائق قبل ظهر امس، معلنة توصل مجمع البطاركة الملتئم في الصرح البطريركي منذ الأربعاء الماضي إلى انتخاب مطران جبيل للموارنة بشارة الراعي بطريركاً جديداً للموارنة على أنطاكية وسائر المشرق، خلفاً للبطريرك الذي قبل الفاتيكان استقالته نصر الله صفير، وبذلك يكون الراعي البطريرك ال 77 للطائفة المارونية. ولحظة إعلان اسم البطريرك الجديد دقت أجراس الكنائس على مساحة كل لبنان فرحاً، وارتفعت الزغاريد في باحة الصرح البطريركي بعدما تقاطر إليها المهنئون. وظهر البطريرك الراعي في لباس البطريركية من على شرفة الصرح محاطاً بالبطاركة والسفير البابوي لدى لبنان غبريال كاتشيا الذي انتقل على الفور إلى بكركي. وكان «حارسا» الصرح البطريركي المغلق على البطاركة منذ أسبوع وهما النائب السابق فريد الخازن والسفير أمين الخازن، نقلا خبر توصل البطاركة إلى اسم البطريرك الجديد. بيان أمانة البطريركية وتلا المطران أبو جودة البيان الصادر عن أمانة سر البطريركية المارونية وفيه: «أن سينودس أساقفة الكنيسة البطريركية المارونية الذي التأم في رياضة روحية ومجمع انتخابي مساء الأربعاء 9 آذار (مارس) 2011 حتى صباح الثلثاء 15 منه، انتخب بنعمة الله، المطران بشارة الراعي رئيس أساقفة أبرشية جبيل المارونية، بطريركاً على الكنيسة الأنطاكية المارونية خلفاً لغبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الكلي الطوبى». وحدد البيان «الجمعة في 25 الجاري موعداً للقداس الإلهي وتنصيب البطريرك الجديد والذي يصادف عيد بشارة العذراء مريم، في العاشرة والنصف قبل الظهر في كنيسة الصرح البطريركي. ويتقبل البطريرك الجديد التهاني اليوم وغداً وبعد غد من التاسعة والنصف وحتى الثانية عشرة ظهراً وبعد الظهر من الرابعة حتى السادسة والنصف مساء. وبعد التنصيب، أيام السبت والأحد والاثنين في 26 و27 و28 آذار. ويحتفل البطريرك الراعي بقداس الشكر في العاشرة والنصف قبل ظهر الاحد 27 الجاري في كنيسة الصرح البطريركي». وكانت المعلومات تواترت عن انتخاب الراعي، وتشير إلى أن الانتخابات حسمت لمصلحته بعد منتصف ليل اول من امس، بالإجماع وبمباركة ودعم البطريرك صفير والنائب البطريركي أبو جودة والمطران يوسف بشارة. وذكرت المعلومات أن 27 مطراناً صوتوا للراعي في جلسة منتصف الليل، فحسمت الانتخابات قبل أن يبارك جميع المطارنة الحاضرين وعددهم 39 هذا الاختيار. كلمة الراعي وانتقل البطريرك الراعي والحضور إلى كنيسة سيدة الصرح وبعدما بارك الحضور، ألقى كلمة قال فيها: «بدأنا الرياضة والمجمع الانتخابي بعواصف، وقال لنا السفير البابوي يومها هي علامات الروح، وما يجرى هنا الآن هو من علامات الروح، بحب كبير أرادوني وانتخبوني لكي أخدم معهم كنيستنا، ولم نشهد يوماً انتخابات من هذا النوع، كلها فرح وسرور ومحبة». وشكر «مدبر الكنيسة البطريركية المطران رولان أبو جوده، الذي حمل اليه حمل بشرى انتخابه بطريركاً». كما شكر السفير البابوي ورئيس مجمع الكنائس الشرقية ساندري والبابا بنديكتوس السادس عشر». وذكّر بشعار كان حدده «لحياتي ورسالتي معكم»، وهو «شركة ومحبة». وقال: «هذا هو شعار خدمتي البطريركية، شركة ومحبة تبدأ في ما بيننا، في مجلسنا الأسقفي، في كنيستنا، وتصل إلى عائلاتنا ومجتمعنا ووطننا، شركة ومحبة، هذا الشعار نرجو أن يكون تحت نظر أمنا مريم العذراء سيدة لبنان وسيدة بكركي التي تحمينا وتحمي هذا الوطن الحبيب». وشكر «الخازنين» اللذين «بحسب تقليد تاريخي مجيد حرسا هذا الكرسي بكل شفافية، ولم يتسرب أي شيء إلى الخارج بفضلهما». وحيا «جميع الذين أتوا وصلوا «في البيوت والكنائس الرعائية والأديار، والمدارس والجامعات وفي دور الإعاقة والأيتام، ونرجو أن يحافظوا كلهم على وديعة، محبة الله والكنيسة والوطن الحبيب لبنان». وحيا الراعي «رئيس الجمهورية ومعاونيه وكل الشعب، ونصلي من أجلهم، وصلينا مع صاحب الغبطة والمطارنة وعرضنا كل الحاجات والانتظارات التي تواجهنا في لبنان وبلدان الشرق الأوسط وبلدان الانتشار. كنا نحملكم في قلبنا وكنا نخطط لنكون على مستوى انتظارات شعبنا وحاجات كنيستنا، ونصلي من أجل لبنان بنوع خاص لكي يخرج من ازمته ويدرك أن له رسالة أساسية كما قالها البابا يوحنا بولس الثاني الذي ذكرنا بأن لبنان نموذج ورسالة في هذا الشرق بالنسبة إلى الغرب، نحمله بصلاتنا لكي يستعيد هذا الدور المنتظر منه في زمن يعيش الشرق أياماً صعبة من الأخطار، هذه هي رسالتنا اللبنانية». وحيا الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية، وقال: «كنا نعرف أنكم تنتظرون في الخارج، نشكركم على كل شيء وعلى المواكبة وعلى محبة الكنيسة وعلى أنكم تقولون الحقيقة، وعلى كل ما كتبتم، ولكن اسمحوا لي أن أقول لم تكن كلها مطابقة لواقع ما كان يجرى في الداخل. ونرجو أن نتعاون معكم في حمل الحقيقة الموضوعية وأخذها من معينها ومن الداخل، نرجو أن نعمل معاً على خدمة الحقيقة والحق والخير والجمال». وعبرت بلاد جبيل عن فرحتها بانتخاب مطرانها بطريركاً، على طريقتها، فإلى جانب قرع أجراس الكنائس، اطلق المواطنون الأسهم النارية والمفرقعات فرحاً وابتهاجاً. وتقاطر إلى دار المطرانية في عمشيت رعايا من بلدات وقرى المنطقة لتقديم التهاني. وزار رئيس الجمهورية ميشال سليمان على رأس وفد من الضباط في القصر الجمهوري، يرافقه وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود، قبيل الرابعة بعد الظهر، بكركي مهنئاً البطريرك الراعي الذي استقبله عند مدخل الصالون الرئيسي إلى جانب البطريرك السابق صفير. وعقد سليمان والراعي خلوة لمدة 20 دقيقة. ولدى مغادرته بكركي عبر عن سعادته «جداً بالنسبة إلى لبنان والمسيحيين فيه عبر انتخاب البطريرك الجديد ولا سيما أن الانتخاب يحمل معاني كبيرة لأنه حصل بالتوافق وبأجواء محبة شبيهة بالشعار الذي اطلقه». وأضاف: «الأمل كبير بالبطريرك الجديد وكما حافظ البطريرك صفير على دور بكركي ومرجعيتها، البطريرك الراعي سيكمل المسيرة بما له من مسيرة طويلة على المستويين اللاهوتي والاجتماعي - الثقافي إلى جانب التواصل مع الشباب. وهو سيكمل تطوير الكنيسة لتكون كنيسة جامعة للبنانيين جميعاً». وزار بكركي مهنئاً الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي وعقد خلوة مع البطريرك الجديد، وقال في تصريح: «أتمنى كل الخير للبطريرك الجديد في تعزيز الوحدة الوطنية وأعتقد أن صاحب الغبطة مدرك تماماً للتحديات التي تواجه البلاد وتنتظره، متمنياً عليه إكمال مسيرة البطريرك صفير في القيم الوطنية والأخلاقية». وزار بكركي رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري وعقد خلوة مع الراعي.وشدد في تصريح لدى مغادرته بكركي على «الدور الوطني الذي تلعبه الكنيسة المارونية، وخطابها كان دائماً وطنياً واستقلالياً ولمصلحة كل اللبنانيين وكانت كلمة الحق تصدر من هنا، وكنا نقول عن البطريرك صفير انه ضمير لبنان وأتمنى ان يكون هذا الانتخاب خيراً للبنان، وأنا قلت للبطريرك الراعي اننا سنكون في الخط الاستقلالي وكل ما نريده في هذا البلد العيش المشترك والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين وأن يكون لبنان موحداً بين ابنائه تحت العلم اللبناني». وأكد «احترام كل المقامات الدينية وخصوصاً مقام البطريرك». وكان الرئيس أمين الجميل اول المهنئين الذين توجهوا إلى بكركي واعتبر في تصريح أن «مجد لبنان أعطي لمن يستحقه». ورأى أن الراعي «ورث عن البطريرك صفير رسالة ومهمة خطيرة لمواجهة الاستحقاقات»، مؤكداً أن لديه ملء الثقة بأنه «على قدر المسؤولية». وزار رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بكركي وقدم التهاني إلى الراعي وعقد خلوة معه لمدة عشر دقائق ثم عبر في تصريح عن فرحه، وقال: «الله أراد ما أراده، ولا أستطيع إلا أن أذكر كل ما فعله البطريرك صفير الذي حمى لبنان». ومن المهنئين قائد الجيش العماد جان قهوجي ووزراء في حكومة تصريف الأعمال وشخصيات سياسية نيابية. وهنأ رئيس «تيار المرده» النائب سليمان فرنجية في تصريح بانتخاب بطريرك جديد. واتصل مهنئاً الراعي وزير النقل الاميركي راي لحود ومفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني، وتمنى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان للبطريرك الراعي «ان يقدم للبنانيين بشارة جديدة وهي الانفتاح على كل اللبنانيين لإنقاذ البلاد مما أصيبت به من عثرات وتحديات».