تيسر لي الأسبوع الماضي حضور مباراة تشلسي والمان يونايتد في لندن، إذ حجزت التذكرة عن طريق «الانترنت» من الرياض، وأعطيتهم عنوان سكني في لندن، وقبل المباراة بيومين وصلتني التذاكر في مغلف. الطريق إلى الملعب، وكأنك في نزهة ولست في حاجة لسيارتك، فكل وسائل النقل متاحة إلى باب الملعب، ويحيط بالملعب متاجر خاصة بنادي تشلسي تجعلك تتوقف عندها طويلاً، وتشتري منها أكثر، وهناك المقاهي والمطاعم من أجمل ما يكون. تتأمل الجماهير التي تحضر تجدها من الألوان والطبقات كافة لا تفرقة بينهم، يجمعهم حب النادي فقط، فالعائلة مع بعضها البعض كباراً وصغاراً جيلاً بعد جيل يزرع فيهم الانتماء للنادي وللعبة. الدخول إلى الملعب بسهولة، فالبوابات الكترونية، وفي الداخل تشعر وكأنك في منشأه 7 نجوم من جودة «دورات المياه»، وكثرتها ومن خدمات البيع السريع. في دقائق يمتلئ الملعب، وفي دقائق يخلو تماماً، وتخرج ولا تعرف أين ذهبوا؟ في داخل الملعب تجد مئات العاملين المدربين للشغب والتعامل مع الجماهير بحزم ورقي ملتفين حول أسوار الملعب وعيونهم وقلوبهم على الجميع، لا يفسدون المباراة، ولكنهم يحملون كل الأمن والآمان لهم! بدأت المباراة وصوت الأغاني والهتافات والشاشات الالكترونية كافة تصب لأجل الفريق بصورة تخلق أجواء تنافسية جميلة، فقبل أية مباراة، وليس شرطاً تكريم أحد اللاعبين المعتزلين أو لاعب آخر حقق رقماً جديداً وهكذا! وتبدأ المباراة وتشعر حينها أن الجمهور هو من يلعب لا اللاعبين. جاء هدفان في تشلسي فهب المدرج كله لنصرة فريقه وعاد لاعبوه للطريق وجاءوا بالتعادل، ولكن الحكم لم يكمل فرحتهم فطرد منهم لاعبين، واحتسب هدفاً فيه شبهة تسلل، ولكن الجمهور صفق لفريقه وحياه وعاهده على المضي معه. لم تكن مجرد 90 دقيقة، إذ كانت دورة ولا أجمل في الشأن الرياضي، استغرب لم ليس لدينا مثلها؟! إذ نملك مالاً ورجالاً وفكراً، لكن لا نملك حسن التدبير ونغرق في سفاسف الأمور! ملاعبنا تتراجع يوماً بعد يوم، والدخول إلى الملعب مغامرة غير محسوبة، بل وقد يعده البعض خرقاً للمروءة ولا يليق بذلك، فللأسف نحن فرغنا رياضتنا من مفهومها الاجتماعي والعاطفي، فحلت الشحناء والبغضاء وضاع كل شيء. رياضتنا تحتاج إلى أن نلبسها لباساً يليق بمجتمعنا وأفراده، ونستفيد من تجارب من سبقونا، واللحاق بركبهم والبعد عن الخطط والدراسات التي لا طائل منها. [email protected]