تنظم الولاياتالمتحدة اليوم انتخاباتها الأهم في القرن ال21، نظراً إلى الفجوة الكبيرة في شأن أساليب التعامل مع التحديات الاقتصادية والخارجية والدور الأميركي في الشرق الأوسط وعلى الساحة الدولية. وأعطت المؤشرات الأولية توقعات بإقبال كثيف نسبياً في الولايات الحاسمة، نتجت منه مشاكل مبكرة في ولاية فلوريدا، ما ينذر بليلة انتخابية طويلة وسيناريوات معقدة قبل حسم النتيجة بين الرئيس باراك أوباما ومنافسه ميت رومني. وأظهر استطلاع في الولايات التي شهدت انتخابات مبكرة تقدم أوباما في أربع منها ورومني في ولاية واحدة. ومن فلوريدا التي حرمت الديموقراطيين من الرئاسة عام 2000 وأوصلت الرئيس السابق جورج بوش بفارق 537 صوتاً وقرار من المحكمة العليا، علت الأصوات مجدداً أمس ضد الحاكم الجمهوري ريك سكوت ووجهت كوادر سياسية مؤيدة لأوباما اتهامات له ب «خنق» التصويت، بعد اغلاق أقلام للاقتراع المبكر في أنحاء الولاية، بحجة أن الطوابير الطويلة للمقترعين تفوق القدرة اللوجيستية للولاية. ولم يتردد الحاكم الجمهوري السابق والمستقل الآن تشارلي كريست في اتهام الجمهوريين بتعمّد لجم التصويت، داعياً إلى «فتح الأبواب» أمام الناخبين، خصوصاً بعد تقصير فترة الاقتراع المبكر من 14 يوماً إلى 8 أيام. وأعادت سلطات الولاية في وقت متأخر فتح أقلام الاقتراع، علماً أن مدة الانتظار وصلت إلى 9 ساعات في بعض الأقلام. تقليدياً، يقبل الناخبون من الأقليات والديموقراطيين على الاقتراع المبكر أكثر من الجمهوريين، ما قد يهدد حظوظ رومني في فلوريدا، حيث تقدم ب 3 نقاط وفقاً لاستطلاعات الرأي. وفي باقي الولايات، بدأت الاستعدادات ليوم انتخابي يتوقع أن يكون حافلاً وطويلاً، خصوصاً في أوهايو (وسط) وفرجينيا وويسكونسن وأيوا وهي ولايات ستقرر مصير السباق الرئاسي، ما دفع المرشحين أوباما ورومني إلى التنقل بين هذه الولايات في اليوم الأخير من حملتيهما. وسيمضي أوباما الليلة الانتخابية في مقر حملته في شيكاغو فيما يبقى رومني في بوسطن، في انتظار النتائج، علماً أن استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت بوادر معركة كسر عظم بين المعسكرين، بعد تعادل المرشحين على مستوى التصويت الوطني، واحتدام المنافسة في الولايات الحاسمة، مع أفضلية صغيرة لأوباما في الحصول على أصوات 270 كلية انتخابية. من هنا، ستتقرر نسب الإقبال عبر ما يُعرف ب «غراوند غيم» (اللعبة الميدانية) ليتحدد اسم الفائز والاتجاه الذي ستسير عليه الولاياتالمتحدة في السنوات الأربع المقبلة. وسيُعطي فوز أوباما داخلياً استمراراً للتشريعات التي وضعها، وأبرزها الضمان الصحي وقوانين حماية المستهلك والرقابة على سوق المال وزيادة الضرائب على الأثرياء، فيما سيعني فوز رومني تبني سياسات تخفيف الرقابة على المصارف ومنع زيادة الضرائب على النخبة الاقتصادية. أما خارجياً، فستضمن إعادة انتخاب أوباما استمراراً لنهجه البراغماتي في ولايته الأولى، والسياسات الحذرة المبنية على المصالح الأمنية والجيو - استراتيجية في الشرق الأوسط، فيما سيعطي فوز رومني اندفاعاً للتيار الأكثر تشدداً في قضايا الشرق الأوسط، الداعي إلى تعزيز واشنطن حضورها القوي في كبح نفوذ إيران ومساعدة الثوار في سورية، إلى جانب الدفاع عن أمن إسرائيل. ويتبارز الحزبان الجمهوري والديموقراطي اليوم على بعض مقاعد مجلس الشيوخ والنواب، ويتوقع أن يحتفظ الديموقراطيون بالغالبية في مجلس الشيوخ، ويحققوا مكاسب صغيرة في مجلس النواب من دون انتزاع الغالبية من الجمهوريين. وستكون أمام الكونغرس الجديد تشريعات بالغة الأهمية تتعلق بمستوى العجز وخطط الضمان الصحي وموازنة الدفاع.