يصوّت الأميركيون غداً في انتخابات رئاسية ونيابية ستقرر اتجاه السياستين الاقتصادية والخارجية للبلاد، ومعها مصير قوانين أعدّها الرئيس باراك أوباما وهي مهددة الآن بالإلغاء، إذا فاز خصمه الجمهوري ميت رومني. وعشية فتح صناديق الاقتراع، أشارت حملة أوباما إلى تفوقها الميداني على الجمهوريين، فيما تراهن حملة رومني على إقبال كثيف من أكثرية البيض، والخائبين من الأداء الاقتصادي للرئيس الديموقراطي. وتعتبر انتخابات الغد الأكثر أهمية بالنسبة إلى الحزب الديموقراطي، منذ رئاسة فرانكلين ديلانو روزفيلت في النصف الأول من القرن العشرين، نظراً إلى حجم التشريعات التي يتوقّف تطبيقها على فوز أوباما بولاية ثانية واحتفاظ حزبه بالأكثرية في مجلس الشيوخ. فمن خطة الضمان الصحي، إلى مشاريع تشديد الرقابة المصرفية وحماية المستهلك، إلى قوانين تتصل بالمهاجرين والضرائب وحقوق المثليين، تقف الولاياتالمتحدة على منعطف بين تثبيت المسار «التقدمي» الذي وضعه أوباما، أو العودة إلى المسار «المحافظ» الذي يرفع الجمهوريون لواءه، ومن شأنه إبطال خطة الضمان الصحي قبل تطبيقها العام 2014، وقوانين مالية أخرى. وأظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تعادلاً على المستوى الوطني (48 في المئة)، وأفضلية محدودة لأوباما في الولايات الحاسمة التي ستقرّر مصير السباق، وتباعاً لقدرة رومني أو أوباما على جمع أصوات ال270 كلية انتخابية. وينطلق أوباما من مجموع 237 كلية، في مقابل 191 لرومني، ما يعطي الرئيس مهمة أكثر سهولة للوصول إلى ال270. لكن المرشح الجمهوري يراهن في التعويض على تراجعه في الولايات الكبرى (نيويورك، كاليفورنيا)، على حشد القاعدة اليمينية والجمهوريين في الولايات الحاسمة، ورصد نسب إقبال تفوق أسلافه الجمهوريين، وآخرهم السيناتور جون ماكين. وتعكس الاستطلاعات تقدماً طفيفاً لأوباما بنسبة نقطتين في أوهايو، وثلاث في ويسكونسن، ما يعني أن نجاح رومني في حشد نسب إقبال استثنائية، قد تساعده في كسر تقدّم أوباما والفوز بهاتين الولايتين، إلى جانب فلوريدا ونورث كارولاينا حيث يتقدّم الآن، وفرجينيا حيث يتعادل المرشحان. وستكون هذه المهمة شاقة، ولكن غير مستحيلة بالنسبة إلى رومني الذي يعوّل على المؤشرات الاقتصادية (7.9 في المئة لنسبة البطالة ونمو بطيء)، إلى جانب خيبة أمل كثيرين من رصيد أوباما الذي دخل البيت الأبيض العام 2008 بتوقعات ضخمة. كما تعوّل حملة أوباما على تحالفها الضخم (الأقليات والنساء والاتحادات العمالية)، وما وصفه مستشاروها بتفوّق ميداني على الأرض أو «غراوند غيم». وأفاد المستشارون بأن الحملة سجلت حوالى 1.8 مليون ناخب جديد في الولايات الحاسمة، أي أنها ضاعفت رقم العام 2008. وأشارت إلى أن مئات الآلاف من المتطوعين سيعملون على تأمين تصويت أولئك غداً، وبالتالي إمكان منح أوباما تفوقاً عددياً وزخماً مطلوباً للتعويض عن الحماسة المتدنية عن تلك لدى معسكر رومني. وحاول كلّ من أوباما ورومني رسم خلاصة للحملة، تقنع قاعدتهما بالتصويت. وسلب المرشح الجمهوري خصمه الديموقراطي شعار «التغيير»، إذ تبنّاه في حملته، فيما أشاد الرئيس في جولاته بسياساته الداعمة للطبقة الوسطى، ورافقه الرئيس السابق بيل كلينتون الذي فَقَدَ صوته، بعد أسابيع على انخراطه في الحملة.