اقترحت أمس حلفاً مسيحياً – إسلامياً ضد إسرائيل (وليس ضد اليهود)، وعرضت نماذج من عداء الكنائس الغربية لإسرائيل، واليوم أنبّه إلى أن إسرائيل واللوبي وعصابة الشر الليكودية الأميركية والمحافظين الجدد... يعملون لتخويف الغرب المسيحي من الإسلام والمسلمين، فهم يدركون أن أسباب العداء المسيحي المتزايد لإسرائيل موجودة وصحيحة، فيحاولون تحويل الأنظار عنها. غير أنني أريد أن أقدم للموضوع بتسجيل الجانب غير الديني لكره إسرائيل في الولاياتالمتحدة، فالمواطن العالي التعليم والثقافة يدرك أن بلاده تعاني أزمة اقتصادية خانقة، وتقدم إلى إسرائيل أعلى مساعدات في العالم، فإذا أضفنا التبرعات المُعفاة من الضرائب إلى الأرقام الرسمية السنوية، نجد أن إسرائيل تأخذ أكثر من عشرة بلايين دولار، أي أن ستة ملايين محتل يتلقون أكثر من بقية العالم مجتمعاً. هل تستحق إسرائيل المساعدة؟ هناك جواسيس إسرائيليون اعتقلوا في الولاياتالمتحدة وحوكموا وسجنوا، وإسرائيل سرقت يورانيوم من مختبر أميركي لتصنع قنبلتها النووية، وهي قتلت 34 بحاراً على متن السفينة الأميركية ليبرتي، كما قتلت مواطنين أميركيين آخرين، مثل الشهيدة راشيل كوري في غزة، وهي تتدخل في الشؤون الداخلية الأميركية، حتى أن مجرم الحرب بنيامين نتانياهو ظهر في دعايات في فلوريدا للمرشح الجمهوري للرئاسة ميت رومني. ماذا تفعل عصابة الشر لتحويل الأنظار عن بلد تقوده عصابة جريمة حتى أن كل رئيس وزراء حوكم، وبعضهم حُكِم عليه، مثل موشي كاتساف، الذي دين بالاغتصاب؟ إنها تخترع خطر الإسلام على الحضارة الغربية واضطهادَ المسلمين الأقليات المسيحيةَ في بلادهم. لا أقول إن مثل هذه التهم مزور بالكامل، فأكثره له أساس، إلا أن المبالغة في عرضه هائلة، وتتجاوز أي مظاهر إيجابية للتعايش بين الأديان في بلاد العرب والمسلمين. قرأت تحذيراً من أن ثانية المدن الفرنسية مارسيليا ستصبح مدينة ذات غالبية مسلمة، ويطغى على العمارة فيها مسجد هائل بتمويل سعودي، مع تذكير الفرنسيين بأن جماعة إسلامية في المدينة خطفت طائرة فرنسية سنة 1994 بهدف ضرب برج إيفل وتدميره. وقرأت أن الربيع العربي عنوان خاطئ للثورات العربية، فهي ستؤدي إلى صعود الأسلمة في كل البلدان العربية، من المغرب وتونس إلى سورية مروراً بمصر، لتعادي جميعها الغرب. وإذا كانت «أسلمة» بلاد مسلمة لا تخيف المواطن الغربي، فهناك التخويف من «أسلمة أوروبا: الأرقام لا تكذب»، والموضوع يتحدث عن ارتفاع معدلات الولادة بين المهاجرين المسلمين وتراجعها بين المواطنين المحليين، وبعد جمع وطرح وقسمة يخلص أنصار إسرائيل إلى «إثبات» أن المسلمين سيحتلون أوروبا أو يسيطرون عليها. كل ما سبق أحتفظ بالنصوص الأصلية عنه، غير أن الطريقة المفضلة لدى العصابة لتحويل الأنظار عن جرائم إسرائيل واعتداءات المستوطنين على الكنائس والأديرة في فلسطينالمحتلة، هي نشر أخبار عن اضطهاد المسيحيين في الدول العربية والمسلمة. وهناك تركيز كبير على مصر، لحجمها ضمن المجموعة العربية ودورها القيادي، وقرأت أن لدى الكونغرس تقريرين عن اضطهاد الأقباط في مصر وإرغام النساء والبنات على الزواج من مسلمين وتغيير دينهن، وأن جماعات جهادية وزعت منشورات تدعو إلى قتل المسيحيين حيث وجدوا، ودعوات في مجلس الشعب للسيطرة على أموال الكنيسة القبطية. وكانت هناك أخبار عن أن مسيحيي العراق يتلقون تهديدات بترك البلاد أو يُقتلون، وأن وضع المسيحيين في إيران أسوأ، مع أخبار مماثلة من دول أفريقية. إذا لم ينفع كل ما سبق يعودون إلى التذكير بالنازية وقتل ستة ملايين يهودي في المحرقة. وكانت هناك أخيراً حملة ليكتب شباب إسرائيليون على أجسامهم الأرقام التي كان النازيون يكتبونها على اليهود وهم يسوقونهم إلى القتل. كان هذا قبل سبعين سنة، وإسرائيل تقتل وتحتل وتدمر اليوم ثم تريد من العالم أن يركز على ذكرى. مرة أخرى إسرائيل مكروهة، وجرائمها تستفز المسيحيين في الغرب كالمسلمين أو أكثر، ويجب قيام تحالف ضد عصابة الجريمة المنظمة التي يسمونها خطأ دولة. [email protected]