لا سلام ممكناً مع هذه الحكومة الاسرائيلية. هذا رأيي ولا أستطيع أن أعبر عنه بشكل أكثر وضوحاً أو إيجازاً، فما نواجه في اسرائيل هو حكومة فاشستية تقتل النساء والأطفال، تضم نازيين جدداً ومتشددين دينيين، أو من يزعمون الدين ليسرقوا باسمه بيوت الفلسطينيين في القدس وكل أرض فلسطين. القدس ضاعت والمسلمون العقلاء يركزون على الحرم الشريف لأن اسرائيل تهدده، ولا يرون أنها تهدده لتمنعهم من ملاحظة تهويد القدس العربية التي أصبح 80 في المئة منها بأيدي الاسرائيليين. وفي الأخبار هذا الأسبوع ان الحكومة الاسرائيلية ستبني 700 وحدة سكنية جديدة في القدس العربية، أي إنها هدمت أو ستهدم عدداً مماثلاً من بيوت الفلسطينيين وتشردهم لتحل لصوصاً مكانهم. المسلمون الطيبون يركزون على الحرم الشريف، والإرهابيون يقتلون المسلمين من العراق الى باكستان وأفغانستان وكل مكان. أما الأقلية المسيحية العربية فلا تفعل سوى أن تطلب الهجرة من كل بلد عربي، حتى ان المسيحيين في المشرق العربي هبطوا من 20 في المئة قبل قرن الى حوالى خمسة في المئة الآن. هذا هدف أساسي لاسرائيل، فمن الأسهل عليها أن تكسب دعم الغرب المسيحي إذا استطاعت تصوير الصراع على أنه بين اليهود والمسلمين لعدم وجود مسيحيين. وهي في الأراضي الفلسطينية تضطهد المسيحيين ليهاجروا أو تغريهم بتأمين أسباب الهجرة لهم الى أوروبا أو الولاياتالمتحدة وكندا، ومع دعم مالي الى حين أن يستقروا وتأمين أعمال لهم في أوطانهم الجديدة. (المسيحيون العرب يواجهون مشاكل حيث لا وجود اسرائيلياً، مثل قطاع غزة ومصر والعراق. وأفضل عيش مشترك هو في سورية والأردن، وأيضاً لبنان). كنت قرأت في «الصنداي تلغراف» عشية عيد الميلاد، تحقيقاً مصوراً شغل صفحة كاملة عن هجرة المسيحيين من الشرق الأوسط، خصوصاً فلسطين، وتوقفت فيه أمام معلومة جديدة عليّ. فالجريدة اللندنية اليمينية قالت إن اليهود الأرثوذكس، أي المتدينين المتطرفين، يبصقون على المسيحيين المارة إذا كانوا يحملون إشارات مسيحية من نوع الصلبان على العقود. لن أشتم مرة أخرى، وإنما أقول إن الأراضي الفلسطينية تضيع حتى لن يبقى منها شيء ونحن حولها. وإذا كنا نكتب عن القدس والحرم الشريف يوماً بعد يوم فالوضع هو نفسه في كل مكان، والقدس وسعها اليهود حتى وصلت الى بيت لحم، أي مهد السيد المسيح، وأمامي تقرير كتبه مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يقول إن إجراءات إسرائيل لم تترك لسكان محافظة بيت لحم غير 13 في المئة من أرضها الأصلية، وهناك الآن 175 ألف فلسطيني في بيت لحم وحولها، ومعهم 186 ألف يهودي في 19 مستوطنة وموقعاً استيطانياً لم يكونوا موجودين قبل الاحتلال. والوضع في القدس وبيت لحم هو نفسه في كل الأراضي المحتلة، ومع صدور قوانين تحد من حرية الفلسطينيين من أهل 1948، والى درجة منعهم من تذكر النكبة، ومطالبتهم بالاحتفال بقيام اسرائيل وترديد «نشيدها الوطني». في الشهر الماضي أصدرت الكنائس المسيحية الفلسطينية من جميع الطوائف بياناً يدين الاحتلال الاسرائيلي ويقول انه «خطيئة ضد الله وضد الانسانية»، ويطلب من كنائس العالم كله دعم الفلسطينيين لينالوا استقلالهم. وكان البيان شبيهاً ببيان أصدرته الكنائس المسيحية في جنوب أفريقيا في أواسط الثمانينات، طلباً لتأييد الكنائس المسيحية حول العالم الحملة ضد التفرقة العنصرية. تلك الحملة انتهت بسقوط نظام الأبارتهيد في جنوب أفريقيا، إلا أنني لا أراها ستتكرر في فلسطين، فالخصم ليس اسرائيل فقط، وإنما معها مبنى الكابيتول، أو الأرض التي تحتلها إسرائيل كما يقول مفكرون أميركيون وليس أنا، وحيث مجلسا الكونغرس اللذان أيد أعضاؤهما بما يشبه الإجماع كل حرب على الفلسطينيين واللبنانيين والعرب وبنسبة تفوق ما فعل الكنيست. لا سلام ممكناً مع حكومة اسرائيل، وعندما يتعذر السلام يصبح الخيار الآخر حرباً تدمر الهيكل على رؤوس الجميع وتتحول الخرافة التوراتية الى واقع. [email protected]