كشفت التحقيقات الجارية في كارثة الأمطار والسيول التي ضربت محافظة جدة آخر العام 2008، عن تنفيذ مؤسسات حكومية دراسات وهمية حول بعض المشاريع غير المنفذة، إذ كانت تخصص لهذه الدراسات موازنات مالية خاصة. وأوضحت مصادر موثوقة ل «الحياة» أن بعض المشاريع التي أعدت لها الدراسات لم تنفذ ولا يعرف مصيرها، مبينة أن قيمة بعض الدراسات تجاوزت ال300 ألف ريال ولم يتم تنفيذها بحسب أقوال بعض المتهمين الذين مثلوا أمام القضاء على خلفية الكارثة. من جهة أخرى، سجل ملف كارثة السيول أكثر من 500 مليون ريال تمثل القيمة المتداولة للرشاوى والفساد الإداري بحسب ما ورد في قرارات الاتهام التي وجهت إلى المتهمين من مسؤولين حكوميين ورجال أعمال ومهندسين وغيرهم. وتتضمن تلك المبالغ المالية سيارات وأراضي وعمائر سكنيه وغيرها من الأمور العينية والنقدية التي أسهمت في تورط الكثير من الموظفين في جهات حكوميه مختلفة. وأفادت مصادر مطلعة ل «الحياة» بأن المدعي العام أكد في قرارات الاتهام والمرافعات الشرعية أمام المحاكم الشرعية التي تنظر تلك الملفات أن المبالغ المالية التي اعترف بها المتهمون أمام المحققين والمصادق عليها شرعاً، رشاوى مقابل تسهيلات لإنجاز معاملات وخدمات تقدم لرجال أعمال وأشخاص نافذين مالياً. وكانت المحكمة الإدارية في محافظة جدة ممثلة في الدائرة الجزائية الثالثة، أكدت أن الأدلة المنسوبة إلى متهمين في كارثة السيول في ما يتعلق بجريمة الرشوة أحاطها الشك وران عليها الوهن وأصابها الضعف والتهافت والتناقض والتعارض بما تنهض معه كأدلة تطمئن إليها الدائرة على صحة التهم المنسوبة إلى المتهمين وثبوته في حقهم. وقالت في تسبيب حكمها الصادر بتبرئة الشخصيات من التهم الموجهة ضدهم، إن الاتهام قائم على مجرد الظن مما يترتب عليه الأمر والحالة هذه استمرار حالة البراءة التي يكفي لتأكيد وجودها حينئذ مجرد الشك في ثبوت تلك الإدانة. وأضافت أن ما ساقته هيئة الرقابة والتحقيق في اتهامها للشخصيات الرياضية إنما هي استنتاجات واحتمالات لا تصلح أن تكون أدلة ثبوت يعتمد عليها في قيام جريمة الرشوة، مشيرة إلى أن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا مجرد الظن والتخمين. وشهدت المحاكم الشرعية في محافظة جدة خلال الفترة الماضية، مثول عدد من المتهمين في الكارثة أمام القضاء خلال الأشهر الماضية، إذ استمع القضاة المكلفون بنظر قضاياهم إلى ردود المتهمين والتي تفاوتت ما بين النفي وطلب البعض رفض الدعوى وإنكار البعض لبعض التهم، وأن ما قام به كان نتيجة لأوامر رؤسائه.