تخرج إلى كورنيش جدة للاحتفال باليوم الوطني، فتصادف آلافاً من المواطنين سبقوك إلى هناك، ومنهم أصدقاء لك بالكاد تعرفهم بعدما وضع بعضهم أقنعة، وصبغ آخرون شعره باللونين الأخضر والأبيض ورسموا على خدودهم قلوباً نابضة بالحب والولاء لهذا الوطن. شوارع الكورنيش تحولت إلى ساحة ل«الرقص»، يرتفع فيها صوت الأغاني الوطنية «فوق هام السحب» و«يا سلامي عليكم ياالسعودية»، وتجد الشبان مفعمين بالحيوية، مفرغين جل طاقتهم رقصاً، وفي هذه الأثناء فقط بإمكان الجميع أن يطلقوا تعليقاً مضحكاً ويرد الشاب بابتسامة أو ضحكة من دون حدوث أي مشكلات ولسان حال الشاب يقول: «نحن في احتفال قل ما تريد وأنا سأكمل رقصي». يرى عبدالعزيز سفر (20 عاماً) أن قناعه المطلي بالأخضر والأبيض يزيل عنه الحرج ويجعله يعبر عن مشاعر فرحه، من دون استحياء، كما أنه يقيه من «فلاشات» التصوير: «هذا القناع يجعلني أفعل ما أشاء، فهو يشعرني بالسعادة وعند ارتدائه لا يستطيع أصدقائي وأقاربي تمييزي بين الموجودين ومن ثم أستطيع الإسهاب في الرقص». في «مواكب» الاحتفال باليوم الوطني يوقف بعض الشبان سياراتهم وسط الطرقات ويترجلون منها لتقديم «عرض راقص» خلف أقنعة الوجه أو «ملثمين بأشمغتهم» أو متنكرين ب«باروكة خضراء»، ووجوه مزينة باللون الأخضر ليستمتع المارة بمشاهدة الرقص الارتجالي. محمد البندر (18 عاماً) لا تكاد تميز ملامح وجهه «الملون» أو شعره «باروكة الكدش» الخضراء التي غيرت من مظهره تماماً، يعتقد بأن الاختباء خلف هذا الزي يعطيه مساحة كبيرة من الحرية للمشاركة في هذا الاحتفال. الطفلة آسيا كانت تلوح بالعلم السعودي من نافذة السيارة التي يقودها والدها، الذي أبدى سروره بهذه المناسبة «لأنها تعكس مدى حب أبناء الوطن لبعضهم ولأرضهم، وتؤكد أن قلوب المواطنين كلهم على أمر واحد» السيارات هي الأخرى لها طرق للتزيين، إذ تكتب عليها عبارات وطنية، وتطلى بألوان خضراء ويخرج من نوافذها علم الوطن، وعلى رغم الكلفة العالية ل«تقطيب» السيارات، إلا أن الكثير لا يجد أي تردد في دفع المزيد من المال للتباهي بسيارته، إذ يشير سعيد الزهراني إلى أنه خرج وأصدقاؤه صباح اليوم الوطني لطلاء سيارته و«تقطيبها» من أجل أن يجول بها منطقة الكورنيش حتى فجر اليوم الثاني.