يعتري الأقباط المصريين شعور بالقلق من أن تطاولهم شظايا الغضب الإسلامي إزاء الفيلم المسيء للنبي محمد الذي أنتجه نشطاء أقباط في الولاياتالمتحدة، لا سيما أن بعض الشيوخ حمّلوا أقباط الداخل المسؤولية، فيما قام شيخ يدعى «أبو إسلام» بإضرام النار في نسخة من الإنجيل خلال التظاهرات التي حصلت أمام السفارة الأميركية في القاهرة. لكن مثل هذا السلوك لقي استهجان كل القيادات الإسلامية في مصر، وظل توجيه الاتهام إلى أقباط الداخل محصوراً ضمن نطاق ضيق جداً، وإن كانت هناك مخاوف من أن يتمدد الغضب إلى قطاعات شعبية لا سيما في المناطق المهمشة. ومنذ اللحظة الأولى للإعلان عن الفيلم المسيء للرسول الكريم، سعت الكنائس المصرية إلى التبرؤ منه، وانتقاد منفذيه. واعتبر المجمع الكنسي، وهو أعلى هيئة في بطريركية الأقباط الأرثوذكس، أن «إطلاق الفيلم في هذا التوقيت جزء من خطة خبيثة تستهدف الإساءة إلى الأديان وإحداث الفرقة بين طوائف الشعب المصري». وحذّر المستشار القانوني للكنيسة المحامي نجيب جبرائيل من استغلال بعض المحامين الإسلاميين أحداث الفيلم المسيء للرسول، للزج ببعض أسماء رجال وقساوسة الكنيسة، وقال إنه سيلاحق قضائياً كل صاحب بلاغ كاذب قُدّم ضد بعض رجال الدين المسيحي، وبخاصة الذي قُدّم ضد الأنبا سرابيون، الأسقف القبطي لأبرشية لوس أنجليس في أميركا، وأشار إلى أن الأنبا سرابيون، هو أول من دان الفيلم المسيء للرسول. ولفت جبرائيل ل «الحياة» إلى أن «أقباط مصر زادت مخاوفهم بشأن وضعهم بسبب رد الفعل العنيف من قبل بعض المتشددين الإسلاميين»، وأضاف: «كنا نخشى من حصول استهداف للمنشآت المسيحية»، مطالباً السلطة الحاكمة «بحماية أقباط مصر وممتلكاتهم من أي اعتداءات». وشدد على أن القائمين على صناعة الفيلم هم قلة مرفوضة من أقباط المهجر ولا يجب ربطها نهائياً بأقباط مصر، معتبراً أن موقف الكنيسة القبطية بإدانة الفيلم «لعب دوراً كبيراً في الحد من الغضب والضيق تجاه أقباط مصر». وكان النائب العام المصري أحال قبل أيام 7 من أقباط المهجر على محكمة الجنايات بتهمة «ازدراء الإسلام، والسعي إلى تقسيم البلاد». وعلى النهج نفسه، سار عضو اتحاد «شباب ماسبيرو» مجدي صابر، حيث أعرب عن قلقه من تحول غضب المسلمين من الفيلم المسيء ضد المسيحيين، مضيفاً: «القلق والمخاوف القبطية ستزداد طالما استمرت الدولة في التزام صمت تجاه التجاوزات التي تحدث بحقنا». وسعى شيوخ وقيادات إسلامية إلى درء أي مخاوف من أن يتحول الغضب إلى مواجهات مع الأقباط، ونبّه المرشد العام لجماعة «الإخوان المسلمين» الدكتور محمد بديع إلى أنه «من الإنصاف عدم تحميل المسيحيين أوزار مجموعة من السفهاء منهم، والذين حركتهم أصابع خفية للإفساد وإشعال نار الحرب التي تأتي على الأخضر واليابس». وأشاد بديع بموقف الأقباط في مصر والخارج «الذين شاركوا المسلمين الاستنكار والاستياء ممن أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وربَّ ضارَّة نافعة، فقد وحَّد هذا العمل السفيه بين مشاعر المسلمين في كل العالم، فضلاً عما حدث كذلك بين المسلمين والمسيحيين، وكشف الذين يلعبون بنار الفتنة الطائفية، ورد سهامهم إلى نحورهم، فوقف رعاة الكنيسة بجانب دعاة الإسلام، وسارت بينهم مرحمة، وأضحى المسلمون والمسيحيون يداً واحدة في مواجهة الإساءة إلى الأديان».