طالب مفكرون أقباط بضرورة وجود تشريع عالمي ومحلي يحرم ازدراء الأديان يضمن عدم تعرض الأنبياء والرسل والمقدسات للتحقير والامتهان، مطالبين الدول العربية والإسل امية بتبني حملة لإصدار قانون من الأممالمتحدة لتجريم معاداة الدين أسوة بقانون «معاداة السامية» مؤكدين أن إهانة الأنبياء جريمة لا تغتفر. وقال رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان والمحامى الدولي نجيب جبرائيل «إنه منذ أن عقد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مؤتمر حوار الأديان في مدريد عام 2008، وكنت أحد المشاركين فيه ممثلًا عن الكنيسة، تبنينا إصدار مشروع يحرم ازدراء الأديان، ولكن لم ير النور حتى الآن»، مشيرًا إلى أن الكنيسة بصدد رفع دعوى قضائية دولية ضد كل ما يمس المقدسات والأديان ورموزها، وملاحقة كل من يزدريها سواء عن طريق الكتابة أو النشر أو أي عمل مرئي أو مسموع أو مكتوب، أو أي عمل فني يقصد به الإساءة للأديان، موضحًا أن «هناك اقتراحًا بتشكيل لجنة للسفر إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية مكونة من 10 محامين أقباط ومثلهم من المسلمين، لملاحقة من أنتجوا الفيلم المسيء، وصاحب السيناريو طبقًا لنصوص الدستور الأمريكي التي تحظر الكراهية للشعوب»، وقال «إن عدم تطبيق القانون بحذافيره ساعد هؤلاء على التهكم على الأديان ورموزها»، وأضاف أن «الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان واتفاقيتي المعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية يرفضون المساس بالأديان تحت أي مسمى»، وشدد جبرائيل على أن «إهانة الأنبياء والرسل جريمة لا تغتفر، ولا يجوز الاكتفاء فقط باعتذار مرتكبيها، ويجب معاقبتهم، حتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم مرة أخرى». وناشد جبرائيل الدول العربية والإسلامية بضرورة ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية، لاستصدار قانون دولي يجرم الإساءة إلى الرسل والأنبياء والأديان، كما حدث في قانون «معاداة السامية» مؤكدًا أنه لابد من إصدار قرار من الأممالمتحدة يجرم ازدراء الأديان السماوية كلها. واتفق الأنبا مرقس المتحدث الإعلامي للكنيسة الأرثوذكسية مع جبرائيل على ضرورة استصدار قانون دولي يلتزم فيه الجميع باحترام الأديان السماوية وردع ازدرائها بشكل قوي أو الإساءة إليها، بحيث يخرج هذا القانون من تحت عباءة الأممالمتحدة، مطالبًا الأمين العام للأمم المتحدة بدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة إصدار تشريع دولي لمنع وتجريم ازدراء الأديان السماوية، مؤكدًا أن النصوص الحالية في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان غير كافية لاحترام الديانات وحرية الاعتقاد. وشن مرقس هجومًا عنيفًا على أقباط المهجر الذين دعموا الفيلم، قائلا «هؤلاء مجموعة ضالة لفظتهم الكنيسة الأرثوذكسية وسبق أن هاجموا الكنيسة المصرية»، وأضاف «الفيلم تافه ورخيص ومن دعمته مجموعة مشبوهة وغير وطنية، خصوصًا أنهم يسعون لإقامة دولة قبطية، كما أننا نعلم أن الداعم لهذا الفيلم هو إسرائيل، من خلال مشهد في الفيلم يتحدث عما تسمى ب «أرض الميعاد» لليهود، محذرًا من تواجد هذا الكيان الذي يسعى بكل الطرق لبث الفتنة الطائفية داخل الدول العربية»، مشددًا على ضرورة إسقاط الجنسية المصرية عن أقباط المهجر المؤيدين للإساءة للرسول ومحاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى لسعيهم إقامة دولة قبطية مما يعنى تقسيم البلاد»، موضحًا أن «مظاهرات السفارة الأمريكية أثبتت تلاحم المسلمين والأقباط ضد أي إهانة خارجية للدين أو الوطن، بغض النظر عن مشهد الاقتحام». من جانبه، حذر المفكر القبطي الدكتور نبيل لوقا من «أن الإساءة لرموز الديانات لن تنتهي بالفيلم المسيء، مطالبًا بوجود معهد عالمي تكون المملكة مقرًا له، يكون هدف هذا المعهد الدفاع عن الدين الإسلامي ورموزه، لكون المملكة هي بلد الحرمين الشريفين وقادرة على الإنفاق عليه، ويكون هذا المعهد به علماء دين وأساتذة قانون مشهود لهم بالكفاءة للرد على كل إساءة، خاصة القضايا التي يستغلها البعض مثل اضطهاد حقوق المرأة في الإسلام على سبيل الحصر. وقال لوقا «إن هناك مادة اسمها «ازدراء الأديان» موجودة في كل دساتير العالم، ففي مصر على سبيل المثال هناك المادة 98 فقرة «و» التي تنص على أنه يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى 5 سنوات كل من يسيء إلى الرسل والديانات، وميثاق الأممالمتحدة الصادر عام 1948 والذي وقعت عليه 192 دولة يجرم ازدراء الأديان»، واتهم لوقا المسلمين والمسيحيين بالتقصير في الدفاع عن دياناتهم في الخارج، وقال «إن إسرائيل وراء الفيلم الهابط الذي لا معنى له، من أجل إفساد العلاقة بين العرب وأمريكا، حيث إنها تعمل بكل الطرق لإفساد تلك العلاقة الحميمة بين الجانبين، مطالبًا بضرورة إيجاد تشريعات خاصة لازدراء الأديان يجرم الإساءة إلى الرموز الدينية، خاصة في أمريكا قياسًا على التشريع القائم الذي يجرم كل من يشكك في واقعة «الهولوكوست» وعدم الاعتراف بمحرقة اليهود والتمجيد للنازية، كما طالب إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتطبيق قوانين منع العنصرية والتحريض على الكراهية، معتبرًا المساس بالأديان بمثابة النار التي تأكل اليابس والأخضر ولا تفرق بين أحد وآخر، لأن العقيدة شيء يرسخ في الوجدان، ويتربي عليه الإنسان منذ طفولته، ويحترم رموزها، ولا يجوز لأي فرد خارج تلك العقيدة أن يسيء إلي رموزها، لأن إهانة الرموز الدينية خط أحمر لدى الجميع لكونها تؤجج المشاعر بسرعة مطلقة. وأضاف لوقا أن «ظاهره معاداة السامية في الغرب انحسرت، وحلت محلها ظاهره «الإسلاموفوبيا» حيث راح كثيرون يتعاملون مع كل من يحمل اسم مسلم وكأنه مشروع إرهابي، وقد عبرت هذه الظاهرة عن نفسها من خلال نصوص كتبت وصور وأشكال رسمت وأفلام أخرجت تندد كلها بالإسلام وتتهجم على رسوله، آخرها ذلك الفيلم الذي عرض في ذكري أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقال «إن وحدة الدول العربية والإسلامية مهمة في تلك الظروف، محذرًا من أن اتجاها غربيا هدفه ضرب الوحدة الوطنية، خاصة في مصر من خلال تلك الأعمال التي لا هدف لها سوى الفتنة الطائفية، منوهًا إلى أنه يجب علينا جميعًا أن نكون على درجة عالية من اليقظة لمواجهة تلك المخططات التي هدفها تقسيم دول الوطن العربي إلى دويلات».