بدا وكأن الانطلاقة السيئة وضعت العراقة والجماهيرية في كل مسابقة أوروبية كبرى خياراً للاقتران بها مع بداية الموسم الرياضي في «القارة العجوز»، إذ تعاني فرق ريال مدريد في اسبانيا، وميلان في ايطاليا، وليفربول في انكلترا من البداية المتعثرة، والتي ظهرت بها تلك الأندية بعد سنوات تجاوزت مع بعضها ال60. وربما أن الحيرة تتوشح بنسبة أعلى في تفكير جماهير فريق ريال مدريد، خصوصاً أنه يضم أبرز اللاعبين على مستوى العالم في منتخباتهم ودولهم، بل ويملك واحداً من ثلاثة لاعبين في العالم لأكثر من أربعة أعوام، وهو البرتغالي كريستيانو رونالدو إضافة إلى قيادة المدرب الأميز على مستوى المعمورة في أكثر من موسم وهو جوزيه مورينيو أو كما يطلق عليه «سبشل ون»، إلى جانب عدد من النجوم المميزين في خاناتهم مثل المهاجمين الأرجنتيني غونزالو هيغوايين، والفرنسي كريم بنزيمة، وأيضاً الأرجنتيني الآخر دي ماريا الذي يعد اليوم أحد أمهر الأجنحة، ومن ثم صانع الألعاب الماهر التركي مسعود أوزيل، ونخبة من النجوم مثل المدافع بيبي، والحارس إيكر كاسياس ومايكل إيسيان وسامي خضيرة، ولكن تلك التوليفة من أمهر لاعبي العالم علاوة تحقيق الفريق للقبي الدوري وكأس السوبر لم تشفع ببداية تحاكي طموحات الجماهير المتلهفة لأكبر قدر من الإنجازات والنتائج الإيجابية، فهو الذي تعادل مع ليفانتي بهدف لمثله في استهلالية الدوري، ومن ثم تلقى خسارة مفاجئة لم تكن في الحسبان على يد فريق خيتافي بهدفين في مقابل هدف، في الجولة الثانية من «الليغا» الاسبانية، وبعد عودة خجولة أمام الصاعد حديثاً من الدرجة الثانية غرناطة بفوز بهدف وحيد، لم يمهل «الميرنغي» جماهيره كثيراً حتى أعاده لدوامة الخسائر، إذ مني بهزيمة إثر أداء متواضع أمام فريق اشبيلية بهدف من دون رد، الأمر الذي جعل الشكوك تساور الجماهير حول مستقبل فريقها الذي نال لقب الدوري في الموسم الماضي وبفارق كبير عن ملاحقه برشلونة، تساؤلات عدة طُرحت إزاء الضبابية التي تشوب أجواء «الملكي» على رغم امتلاكه أفضل اللاعبين وأميز المدربين، فإن لم يكن الثبات والاستقرار، إضافة لكل الميزات الأخرى دافعاً لقوة قبضة «الريال» فمتى ستكون استمرارية الانتصارات حاضرة؟ أما في إيطاليا فالمشكلات التي تحاصر فريق ميلان لم تنهِ فقط تساقط أوراق شجرة «الروسينيري» في خريف وداع النجوم ويأتي في مقدمهم المدافع اليساندرو نيستا الذي قرر الرحيل بعد سنوات خاضها مع الفريق «اللومباردي» ليفسح المجال لمن هم أجدى منه في خدمة الفريق، إضافة إلى الهولندي سيدورف الذي وجد أنه لم يعد يستطيع أن يواصل العزف على أنغام وسط الفريق كما كان في أيامٍ مضت، وأيضاً المقاتل في منطقة المحور والجدار الذي تتكسر بصلابته هجمات الخصوم غاتوزو، مروراً باعتزال المهاجم الهداف فيلبو إنزاغي، ووصولاً إلى عدم تجديد الهولندي الخبير فان بوميل، وزادت العقبات في طريق «أكثر الفرق تتويجاً في العالم» مع انتقال نجمي الفريق المهاجم السويدي زلاتان ابراهيموفيتش، والمدافع البرازيلي تياغو سيلفا إلى صفوف فريق باريس سان جرمان الفرنسي، ويبدو أن المعاناة لم تنقضي بعد، بل إنها فقط نشأت في ذلك الوقت، ولكنها تضاعفت عندما لم تنجح الإدارة في تعويض ذلك الكم الهائل من النجوم بآخرين يملكون نصف إمكاناتهم على الأقل، فالنقاد لا يجدون أن المنتقل من صفوف فيورنتينا ريكاردو مونتوليفو قد يكون دعامة لخط وسط فريق كبير مثل الميلان، أو حتى المالي باكاي تراوري، والحال ينطبق على المهاجم باتزيني الذي أقبل من الجار «الإنتر» في صفقة تبادلية مع أحد أبرز لاعبي ميلان الموسم الماضي وأفضل صانع العاب في الدوري كاسانو، فالنتيجة انعكست سلباً على الفريق الذي فشل في تحقيق أي فوز على أرضه منذ انطلاقة «الكالتشيو» وخسر أمام محبيه في بدايته ضد الوافد الجديد من «السيريا ب» سامبدوريا بهدف من دون رد، ولكنه سرعان ماتدارك الخسارة بفوز معنوي على بولونيا بثلاثة أهداف في مقابل هدف، إلا أنه خذل أنصاره بالسقوط مجدداً وعلى مرأى منهم في «السان سيرو» وعلى يد أتلانتا بهدف من دون مقابل، والغريب أن «الروسينيري» يتلقى الخسائر من فرق لاتصنف حتى من الأندية المتوسطة في ايطاليا، وهي على موعد مع تحديات أكثر صعوبة عندما يواجه غريمه انترميلان في الجولة السابعة، وأيضاً ستكون الأوضاع أكثر سخونة إذا حان موعد المواجهة مع حامل اللقب يوفنتوس، وكذلك الحال أمام روما، وأودينيزي، ولاتسيو، فيظهر أن إدارة ميلان تعلم جيداً أن فريقها يغرق نظير فقدانه لأكثر من 40 في المئة من أهم نجوم الدوري بأكمله ونجومه بشكل خاص. وفي انكلترا يشهد «البريمييرليغ» تعرض أحد أبرز أعمدته لمعاناة كبرى يعيش على إثرها في متاهة أضحى من الصعب عليه الخروج من دهاليزها على رغم عمله الضخم من أجل إعادة هيبة الفريق التي تآكلت مع وفرة هزاتٍ أضرت بصورة «الريدز» الناصعة في زمن مضى. تحركات الإدارة في السنوات الأخيرة لم تفلح لعودة قوة الفريق الغائبة، فالتعاقد مع سواريز ثم كارول ومن بعدهم جو آلن، إضافة إلى عدد من المدربين لم يغير من الأمر شيئاً بل أن سيقان النادي العريق غاصت بعيداً في تربة صحراء قاحلة لا فرح فيها يشفي الغليل ولا أداء يروي العطش، فالمدرب الذي جاء بعد مغامرة ناجحة مع فريق سوانزي، رودجرز لم يبدو ناجحاً في صنع فريق قوي لينافس في أقوى مسابقات العالم، فكانت الخسارة موجعة في البداية ومن أمام فريق وست برومتش بثلاثة أهداف من دون رد مما جعل جماهير الفريق في ذهول من هذه الهزيمة القاسية بعد تفاؤل ساد الشارع «الأحمر» أثناء فترة الصيف، تبعها تعادل مريح بعض الشيء من أمام حامل اللقب مانشستر سيتي بهدفين لمثلها، ولكنه فشل في التدرج للأفضل بعدما عاد لتجرع مرارة الخسارة وعلى يد فريق أرسنال بهدفين من دون مقابل، ولم يمهل رودجرز وأبناؤه الجماهير فرصة للخلاص من غصات الأمس، وزاد عليها تعادل مع سندرلاند بهدف.