يثير إنهاء عملية «ماري نوستروم» التي تنفذها البحرية الإيطالية لإنقاذ المهاجرين في البحر الأبيض بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، قلق المنظمات المدافعة عن اللاجئين وحتى العسكريين المشاركين فيها الذين يخشون أن يتحول البحر إلى «مقبرة». وفي مواجهة تزايد عدد اللاجئين الذين يتدفقون على السواحل الإيطالية بقوارب ينطلق معظمها من السواحل الليبية، تطلب إيطاليا منذ أشهر مساعدة شركائها الأوروبيين فيما فاق عدد المهاجرين المئة ألف منذ بداية هذا العام وحده. وكان وزير الداخلية الإيطالي أنجيلينو ألفانو دافع مطلع تموز (يوليو) في ميلانو أمام نظرائه الأوروبيين، عن موقف بلاده في هذه القضية. وقال إن عملية «ماري نوستروم استثنائية»، لذا «يجب أن تنتهي». وأضاف: «نطلب أن تحل محلها عملية أوروبية تقوم بها فرونتكس (الهيئة الأوروبية لإدارة الحدود) وفي أسرع وقت ممكن». وسرَّع موت 300 مهاجر في نهاية الأسبوع الماضي والفوضى التي تعم ليبيا وتتيح تدفق اللاجئين، هذا الاتجاه إلى الحسم في إيطاليا التي تتولى الدورة الحالية لرئاسة الاتحاد الأوروبي ونجحت في انتزاع حل تضامني أوروبي. وعبر ألفانو في مؤتمر صحافي مع المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية سيسيليا مالمستروم في بروكسيل الأربعاء، عن ارتياحه «لتشكيل فرونتكس بلاس، الذي يبرر انسحاب ماري نوستروم» من مهمتها. وكانت هذه العملية أطلقت في 18 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بعد حادثي غرق قبالة السواحل الإيطالية أسفرا عن سقوط 400 قتيل، وتملك وسائل بحرية وجوية كبيرة. وفي مركز العمليات شمال روما، الذي يعمل 24 ساعة في اليوم، تجمع المعلومات بالتنسيق مع ثلاثين بلداً عن كل التحركات على مساحة 73 ألف كيلومتر مربع لرصد الزوارق المشبوهة وحالات «الخلل» وتحليلها وتقرير إرسال الوسائل اللازمة. وهذا النظام يسمح حتى برؤية ملامح السفن المشبوهة. وتصل إلى هذا المركز نداءات الاستغاثة التي يطلقها المهاجرون القادمون من أفريقيا ويبحر 94 في المئة منهم من السواحل الليبية. وتفيد البحرية أنه خلال عشرة أشهر تم إنقاذ 113 ألف شخص، قدموا خصوصاً من سورية وأفريقيا جنوب الصحراء، أي بمعدل 270 شخصاً يومياً. وتشير منظمة «سيف ذا تشلدرن»، إلى أن معظم هؤلاء من الرجال، لكن عشرة في المئة منهم نساء، وبينهم 14 ألف قاصر تبين أن 8600 منهم لا يرافقهم راشدون. وسمحت عملية «ماري نوستروم» باعتقال 453 شخصاً متورطين في تنظيم تلك الرحلات. لكن هذه العملية مكلفة جداً. وكان رئيس أركانها الأميرال ميشال سابونارو صرح مطلع تموز (يوليو) الماضي، بأنها تكلف «بين ستة وثمانية أو تسعة ملايين يورو شهرياً» للبحرية وحدها. إلا أن القائد العام لحماية المرافئ الأميرال جوفاني بيتورينو، رأى في تصريحات لصحيفة «أوني دوفاتو كوتيديانو» الخميس، أن «انتهاء ماري نوستروم سيكون مقبرة»، وقال إن «قانون البحر هو الوحيد الذي سيمكنه إنقاذ اللاجئين».