من ايطاليا الى مالطا، تزداد الاصوات المنددة ب"اوروبا الغائبة" عن مساعدة دول الاتحاد الاوروبي المتوسطية في مواجهة تدفق المهاجرين من افريقيا، وهي التهمة التي ترفضها بروكسل معترفة في الوقت نفسه بان دول الشمال تستطيع القيام بالمزيد. وتجري الاحد عملية واسعة تشارك فيها سفن مالطية وايطالية واميركية لمراقبة اقتراب 25 مركباً، تحمل مهاجرين انطلقوا من السواحل الليبية. فمع تحسن الاحوال الجوية أبحر آلاف المهاجرين واللاجئين من سوريين واريتريين ومن سكان دول افريقيا جنوب الصحراء في الايام الاخيرة الى اوروبا، وخصوصاً الى موانىء صقلية القريبة. واوضحت البحرية الايطالية ان احد هذه المراكب رسا في بوزالو، حاملاً جثث ثلاثة مهاجرين توفوا خلال الرحلة لاسباب لم تتضح بعد. واعرب رئيس بلدية هذا الميناء الصقلي الذي وصل اليه اكثر من 500 مهاجر في 24 ساعة، عن خوفه من خروج الوضع عن السيطرة، مشيراً الى الغاء حجوزات سياحية مع اقتراب موسم الصيف. وفي السنوات الاخيرة لقي الاف المهاجرين حتفهم لدى محاولتهم عبور المتوسط في قوارب متهالكة، وبعد حادثي غرق ماسويين قررت روما القيام بعملية "ماري نوستروم" (بحرنا). واشارت مالطا الى ان العملية المشتركة التي تجري اليوم "من اكبر العمليات التي نظمت في السنوات الاخيرة"، وتشارك فيها سفن ايطالية ومالطية وسفن حربية اميركية وسفن شحن موجودة في المنطقة. واشارت روما الى ان اكثر من 50 الف مهاجر وصلوا الى ايطاليا منذ مطلع العام الحالي، وهو تقريبا العدد نفسه طوال العام الماضي. من جانبها اعلنت فاليتا وصول 2200 مهاجر الى موانىء مالطا. واعترف غيل ارياس فرنانديز، مساعد مدير وكالة "فرونتكس" الاوروبية المكلفة مراقبة الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي، بان الحركة ستستمر انطلاقاً من منطقة طرابلس "لان مئات الاف المهاجرين الذين وصلوا الى ليبيا يريدون مغادرتها بسبب انعدام الامن". وأعلن وزير الداخلية الايطالي انجيلينو الفانو، ان ما بين 400 الف و600 الف مهاجر يستعدون لمغادرة ليبيا. وانتقد رئيس الوزراء المالطي جوزف موسكات في تغريدة الاتحاد الاوروبي قائلا، ان "اوروبا غائبة كليا" في حين تقوم البحريتان الايطالية والمالطية "بعمل مثالي". وفي صقلية، ندد رئيس بلدية باليرمو ليلوكا اورلاندو ب"عدم اهتمام اوروبا"، فيما دعا رئيس بلدية كاتانيا انزو بيانكو حكومة ماتيو رينزي الى فرض "حالة طوارىء". وقال رئيس بلدية بورتو امبيدوكل ليلو فيريتو، ان "مصداقية المؤسسات الاوروبية تهتز وعلينا مواجهة ارقام لا تحتمل". من جانبه، اكد ميشال سيركوني المتحدث باسم المفوضة الاوروبية للشؤون الداخلية "سيسيليا مالمستروم"، "دعم المفوضة التام وبكل الوسائل المتاحة"، مضيفاً ان "ايطاليا ومالطا من اكبر المستفيدين من صندوق الاتحاد الاوروبي لمراقبة الحدود، وقد تم اتخاذ اجراءات عاجلة، إذ ان 30 مليون يورو اضافية قدمت لايطاليا منذ تشرين الاول (اكتوبر) استخدمت ايضاً في تمويل عملية ماري نوستروم". واقر سيركوني بانه "بالنسبة الى تضامن الدول الاخرى الاعضاء، فاننا نعترف بان الدول غير الخاضعة لضغوط هجرة قوية تستطيع تقديم المزيد، بل يجب عليها ذلك". وفي ايار (مايو) الماضي وبعد حادث غرق بالقرب من السواحل الليبية، وجه ماتيو رينزي اتهامات قاسية لبروكسل قائلاً ان "اوروبا تتركنا وحدنا، ومن غير المعقول ان ننقذ دولاً وبنوكاً ثم نترك امهات يمتن مع اطفالهن"، مذكراً بانتقاد البابا لظاهرة "عولمة اللامبالاة". وهدد الوزير الفانو بترك كل طالبي الهجرة يغادرون ايطاليا الى باقي دول اوروبا، اذا لم يرفع الاتحاد الاوروبي بصورة كبيرة مساعداته لايطاليا، بما في ذلك "وضع العلم الاوروبي على عملية ماري نوستروم".