في سياق مساعيها الحثيثة لتحقيق أحلامها في استعادة مكانتها في سباق الفضاء، تسعى روسيا إلى مواصلة تحسين قدراتها الصاروخية بطريقة تضمن الحفاظ على دور تلك الصواريخ المحوري بوصفها الناقل الأساسي للرواد والمعدات إلى الفضاء الخارجي. وكذلك تسعى روسيا للاستفادة من الاختراقات التي تنجزها وكالة «ناسا» أو غيرها من وكالات الفضاء، عبر توثيق التعاون معها في مجالات مختلفة. وظهر هذا المنحى عبر مشاركة روسية، ولو أنها محدودة، في رحلة المسبار- المختبر «كوريوزيتي»، وصفها كثير من الخبراء الروس بأنها «بالغة الأهمية»، إذ حمل هذا المختبر الفضائي على متنه إلى سطح المريخ، جهازاً روسي الصنع لكشف الإشعاع النيتروني «دي أي أن» الذي يتخصّص في البحث عن الماء والمعادن. وباشر الجهاز عمله بعيد وصول «كوريوزيتي». العوائق وكشفها أعلن إيغور متروفانوف، مدير المختبر الفضائي الخاص ب «طيف أشعة غاما» في «معهد بحوث الفضاء» التابع ل «أكاديمية العلوم الروسية»، والمشرف على تصميم الجهاز وصناعته، أن الجهاز بثّ صوراً أولية من سطح الكوكب الأحمر، وأنّها التُقِطَتْ بآلات تصوير خاصة اسمها «هازكام»، متخصّصة في الكشف عن العوائق الطبيعية. وصُمّم الكاشف «دي أي أن» في «معهد بحوث الفضاء» بالاتفاق بين مؤسسة «ناسا» الأميركية ومؤسسة «روس كوسموس» الروسية. ويمثّل هذا الجهاز مساهمة مهمة من روسيا في مشروع مسبار المريخ. ويتفحّص الجهاز التربة مستخدماً حزماً من نيوترونات عالية السرعة تستطيع أن تتقصى وجود غاز الهيدروجين. وإذا كان محتوى الهيدروجين في التربة كبيراً، تندمج النترونات بفعالية عالية معه، وتظهر على خريطة النيوترونات «مقاطع سود»، يمكن تفسيرها بثقة عالية بأنها مناطق تحوي على كميات كبيرة من الماء، أو من المعادن المتّحدة مع الهيدروجين والأوكسجين. وتملك هذه الأمور أهمية كبرى في مسار تعقّب آثار الحياة على المريخ. وجرى فحص تكنولوجيا الجهاز بنجاح على نوعين من الكواشف، صُنِعا في «معهد بحوث الفضاء» الروسي. أحد هذين الكاشفين ما زال يعمل على متن مسبار الفضاء «مارس – أوديسيه» منذ ما يزيد على عشر سنوات. وبيّنت المُعطيات التي أرسلها «مارس - أوديسيه» أن خطوط العرض العليا على كوكب المريخ تحتوي كمية كبيرة من الجليد المتجمّع على هيئة «طبقة سميكة من التجمد الأزلي». واستُخدِم النوع الآخر في تفحّص تربة القمر، خصوصاً المناطق التي يُعتَقَد بوجود جليد فيها.