وبعد أن نمت نوماً هانئاً، أعود أستكمل لكم المقال السابق عن اختلاط رب الأسرة بالخادمة، واختلاط السائق بالنساء، وعن آراء بعض الإعلاميات والمتخصصات التي غردت إحداهن تغريدة صعب علي قبولها، إذ قالت فيها عن اقتراحات حلها لهذه المعضلة التي تماشت مع تغريدات زميلاتها الأخريات، ومنها أن تقوم الزوجة باصطحاب الخادمة لمقر عملها، حتى لا تتركها مع الرجل في المنزل بمفردهما، وأن تأخذها معها في كل زيارة إلا لو ظل الأطفال في المنزل مع والدهما، ففي هذه الحال عليها أن تستوثق من بقاء الخادمة بعيداً عن الرجل المتهم. وهكذا تنتهي المشكلة باقتراح الحلول الغريبة، التي لم تغادر حلين لا ثالث لهما، الأول إغلاق باب القسم الخاص بالرجال، حتى تطمئن السيدة بأن لا اختلاط غير محمود سيحدث، والثاني أن تأخذها معها في حلها وترحالها! سؤالي أو بالأحرى أسئلتي التي أريد وبشدة إجابات عليها، نفترض أن الزوجة تعمل معلمة، وتغادر منزلها منذ الصباح الباكر، هل تستيقظ الخادمة معها لتأخذها معها للمدرسة؟ لو افترضنا ضرورة ذهاب الزوجة إلى حفلة زفاف، هل ستأخذها معها وهي التي عادت من المدرسة لترتاح قليلاً ثم تستعد للزفاف، بينما الخادمة قامت بأعمال المنزل التي لا تنتهي، ثم أجبرتها على مضض أن تصطحبها حتى ساعات الفجر الأولى لو فشلت في إقناع الزوج بالذهاب لربعه أو لوالدته أو لإحدى أخواته أو الانتظار في إحدى الاستراحات حتى تعود؟ سؤالي الثاني ماذا لو اضطرت الزوجة لإجراء عملية ولادة أو لوز أو لحمية أو حتى زايدة دودية، هل ستطلب مرافقة الخادمة معها للمستشفى، حتى لا تظل بمفردها مع الزوج؟ سؤالي الثالث ما هي مواصفات هذا الزوج الذي منه نخاف ونضطر إلى «شحتفة» خادمة، من أجل ألا يبقى معها بمفردهما في المنزل فتغرر به ويغرر بها هكذا بكل بساطة؟ ما الفرق بين الإنسان والحيوان إذاً؟ أليس العقل الذي يميزه والأخلاق التي تجعله يترفع عن شهوات نفسه وحبائل الشيطان؟ هل بهذه السهولة نفترض أن يخلع رجلاً ما إنسانيته لمجرد أن وجد نفسه في المنزل فجأة مع أنثى، أي أنثى؟ اتهمت لسنوات عدة بأنني نصيرة المرأة، واليوم أنا غاضبة على الرجل، غاضبة لأن رؤيتنا لمن يشاركنا حياتنا كأب وزوج وأخ وابن بها خلل بين وواضح، غاضبة لأن الثقة معدومة، غاضبة لأن البعض يتصور أن المنع هو سبب الفضيلة والبعد عن الخطأ، وغاضبة لأنني على يقين بأن الاختبار الحقيقي للأخلاق والمبادئ هو الميدان الواقعي، وليس مجرد الادعاء بالكلمات. الشريف سيظل شريفاً حتى لو وجد في بيئة مغرية، لأن ما يمنعه ليس حواجز بشرية كإغلاق الغرف أو اصطحاب من نخشى عليهن منه. أختم بكلمات جميلة للمفكر مصطفى محمود: «حتى الشيطان لا يستطيع أن يدخل قلبك إلا إذا فتحت له الباب، وصادف إغراؤه هوى قلبك، ولكنه لن يستطيع أن يحملك على ما تكره مهما بلغت وسائله، وذلك شاهد آخر على أن الله أعتق القلب وأعتق الضمير من كل وسائل الضغط والإكراه»، رحمك الله يا مصطفى محمود؟! [email protected] @s_almashhady