قام رجل أميركي بضرب زوجته وتعنيفها، لأنه وضع ملاحظة عن الذكرى السنوية لوالدته وقامت زوجته بتجاهل الملاحظة ولم تضغط على أيقونة «لايك» عليها ولم تعلِّق أيضاً، لذلك عنَّفها وخنقها، ولذلك أيضاً قامت الزوجة بإبلاغ الشرطة التي حضرت على الفور للمنزل. بعيداً عن استياء الرجل من تصرف زوجته، على رغم أني سأعلِّق عليه لاحقاً، لو قامت زوجة مضروبة لدينا بإبلاغ الشرطة هل ستحضر الشرطة فوراً لتسجيل الواقعة أم ستطلب منها الحضور شخصياً برفقة ولي أمرها؟ وهل ستثبت الحالة فوراً أم ستحاول مع الزوجة لتتغاضى عن الضربة وأن تكون العاقلة وتكبّر «مخها» لأبعد درجة؟ أم هل ستوبخها لأنها سجلت في «فيسبوك»؟ أم ستوبخها لأن الزوج وضع ملاحظة مهمة وعزيزة على قلبه ولم تقم الزوجة بضغط «اللايك»؟ نأتي للرجل الغاضب من عدم تعليق زوجته، فأنا أتوقع لو وضعت الزوجة «لايك» على ذكرى حزينة سيوبخها أيضاً كيف تعجب بذكرى حزينة، ولأنها لم تضع «اللايك» قام بضربها! راسلني عدد كبير من الزوجات والفتيات يرغبن في معرفة رأيي في تصرف أزواجهن و«خطابهن» معهن ورفضهم إضافتهن لصفحاتهم الخاصة على «فيسبوك». حقيقة لا أرى غضاضة في ذلك «ولهم ذلك مثل المرأة تماماً»، خصوصاً أن بعضهن يتحول إلى المحقق كونان وتحاصر زوجها لماذا ضغط أيقونة «لايك» على المدعوة «نور الشمس»، ولماذا كتب «ههههه» على نكتة المدعوة «ورد الحب»... إلخ. أرى أمامي نماذج لكثير من الرجال يضيف زوجته لصفحته لأنه يعلم أنها صفحة نظيفة لا تشوبها شائبة، وأجده حريصاً على اختيار ألفاظه مع الغير حتى لا تفهم أي واحدة منهن أي شيء خاطئ، يبدأ كلماته أو مداخلته بالأخت أو الأستاذة الذي أعتبره سلوكاً محترماً للغاية.. هذا النوع الشفاف يفاجئ زوجته بوضع ملاحظة جميلة في يوم ميلادها، وهي وسيلة جميلة وجديدة، ووسيلة للتجديد المطلوب. وأراه سلوكاً مقبولاً جداً يتناسب مع الواقع الحالي الذي جعل التواصل الاجتماعي أسهل من ذي قبل، ووسيلة لتعلُّم مهارات التواصل المحترم الخالي من الشبهات. أكرر ما أخبرتهن به، لا تتحولي إلى محقق حتى يكون زوجك أو خطيبك على طبيعته، أما طبيعته فأنتن أدرى بها مني... وأيضاً يجب أن نحترم رفضهم ذلك حتى تثبتي العكس، والرأي نفسه للرجل أيضاً، فلا يحق له فرض رأيه أو نفسه على صفحتها الخاصة التي تفضفض من خلالها وتبث آراءها ومشاعرها ومواقفها الحياتية مع أصدقاء وصديقات يجب اختيارهم بعناية وليس فقط للتباهي بالعدد. أختم بمقولتي الدائمة عن معنى الحرية التي نفتقدها في سلوكياتنا، الحرية بمعناها الذي أؤمن به هي حرية الاختيار، وأذكر الزوجة التي طالبت بالطلاق بعد أن تركت منزل الزوجية لأن زوجها لم ينتخب شقيقها الذي رشَّح نفسه في الانتخابات، وزاد من استيائها تعليقات النساء والرجال وسؤالها كيف لم يرشِّح زوجك أخاك؟ وأتوقع أنهم زادوا الطين بلة حين أخبروها بأنه لو كان «يعزّك» لكان رشَّح أخاك؟ كنت أتمنى أن تنطق جملة واحدة هو «حرّ» فقط. [email protected] Twitter | @s_almashhady